قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم
أما القصة الأولى :
فقصة رجل رأى نفسه فوق الآخرين مالاً وجمالاً وحلّةً ... مشى بين أقرانه مختالاً بثوبه النفيس ، وشبابه الدافق حيويّة ، وجيبه المليء المنتفخ مالاً ، تفوح نرجسيّتُه وحبُّ ذاته في الطريقة التي يمشيها ، فهو يمدّ صدره للأمام ، ويفتح ما بين إبطيه ، لا يكاد الطريق يسعُه ، يميل بوجهه إلى اليمين مرّة ، وإلى اليسار أُخرى متعجّباً من جِدّة ثوبه ، وغلاء ثمنه ، يجر رداءَه خيَلاءَ ، يظن نفسه خيرَ مَن وطِئ الثرى ، يكادُ لا يلمس الأرض من خفّته ، يحسب أن العَظَمة إنما تكون بالمادّة والمظهر ، ونسي أنها لا تكون إلا بحسن الأخلاق ونفاسة المخبَر ، وغفَل عن قوله تعالى : " ولا تمْشِ في الأرض مَرَحاً ، إنك لن تخرِق الأرضَ ولن تبلُغ الجبالَ طولاً " وتناسى أنه مخلوق ضعيف ، أصلُه من طين ، ومن سُلالة من ماء مَهين . تناسى أنّ أوّله نطفة مَذِرَةٌ ، وآخرَه جيفةٌ قذرةٌ ، وهو بينهما يحمل العَذَرةَ ... وتناسى أنّه حين صعّر خدّه للناس غضب الله عليه ، لأنه شارك الله في صفتين لا يرضاهما لغيره ، حين قال تعالى " العَظَمةُ إزاري ، والكبرياءُ ردائي ، فمن نازعني فيهما قصمت ظهره ولا أُبالي " بل تناسى كذلك أنه سيصير إلى قبره ، حيث يأكله الدود في دار الوَحشة والطُّلمة ، لا أنيس فيها سوى التقوى والتواضع . وغفَل أيضاً عن مصير الجبّارين المتغطرسين قبله . وقصّة قارون الذي خسف الله تعالى به الأرض قرآن يُتلى . وقد أخبرنا الرسول الكريم أن هذا الرجل المتكبر خسف الله به الأرض ، فهو يغوصُ في مجاهلها من شِقٍّ إلى شقّ ، ومن مَهوىً ضيّق غلى حفرة أعمقَ منها ، ينزل فيها مضطرباً مندفعاً ، تصدُر عن حركته أصواتٌ متتابعةٌ إلى يوم القيامة جزاءَ تعاظمه وتكبّره ... ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام " إنّ الله أوحى إليّ أنْ تَواضعوا ، حتى لا يبغيَ أحدٌ على أحدٍ ، ولا يفخرَ أحدٌ على أحدٍ . "
الحديث في صحيح البخاري
مجلد 4 جـ 7 باب من جر ثوبه خيلاء
وأما القصة الثانية :
فقد ذكر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن رجلين من بني إسرائيل كانا متآخيين إلا أنهما يختلفان في العبادة ، فالأول مجتهد فيها ، يصلُ قيام الليل بصيام النهار ، لا يألو في الاستزادة منها .. يرى صاحبه مقصّراً ، بل مذنباً مصرّاً على المعاصي ، فيأمره بالعبادة ، وينهاه عن المعصية ، ولربّما وجده يوماً يشرب الخمر أو يرتكب معصية ، فنهاه عنها ، وهذا أمر يتصف به المسلم ، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وهكذا الدعاة دائماً " كنتم خير أمة أُخرجتْ للناس ، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ... " .. " ولْتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ، ويامرون بالمعروف ، وينهَوْنَ عن المنكر " إلا أن الإنسان حين يتجاوز حدّه ويتألّى على الله فقد أساء إلى الذات الإلهيّة ، ووقع في غضب الله دون أن يدري ، فكانت عاقبته خسراً .
إن العاصي حين أمره العابد أن يفعل الخير ، ونهاه عن المنكر قال له : " خَلّني وربي .. أبُعِثْتَ عليّ رقيباً ؟! " ... هنا نلحظ أمرين اثنين :
1- فقد كان المذنب مصراً على الذنب ، عاكفاً عليه ، متبرّماً من متابعة العابد له بالنصح والمتابعة .
2- وكان أسلوب العابد في النصح فظاً غليظاً أدّى إلى تحدّي العاصي له . والداعية الناجحُ هيّن ليّن ، رفيق بالمذنبين ، يعاملهم معاملة الطبيب الحاني مرضاه ، فيمسح عنهم تعبهم ، ويخفف عنهم آلامهم ، فيدخل إلى قلوبهم ، وينتزع منهم أوصابهم .....
احتدّ العابد من إصرار العاصي على ذنبه ، فاندفع يُقسم : أنّ الله لن يغفر له ، ولن يرحمه ، ولن يُدخله الجنّةَ .... فيقبض الله روحيهما ، فاجتمعا عند رب العالمين ، ،، ويا خسارة من يغضب الله عليه ، إن العابد نزع عن الله صفة الرحمة ، وصفة الغفران ، حين أقسم أن الله لن يغفر للعاصي ...
قال الله لهذا المجتهد : أكنتَ بي عالماً ؟ أو كنت على ما في يدي قادراً ؟ لأُخيّبَنّ ظنّك ، فأنا أفعل ما أشاء ... وقال للمذنب اذهب فادخل الجنّة برحمتي ... إن الناس جميعاً ، صالحَهم وطالحَهم ، عابدهم وعاصيهم ، لن يوفـّوا الله نعمه ، وحين يدخلون الجنّة يدخلونها برحمته . .. قالها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا له : حتى أنت يا رسول الله ؟ قال : " حتى أنا إلاّ أن يتغمدَنيَ اللهُ برحمته "
وقال الله تعالى للآخر(للعابد) المتألّي على الله : اذهبوا به إلى النار ... لقد لفظ كلمة أهلكته فدخل النار ولم تنفعه عبادته .
رياض الصالحين باب تحقير المسلمين الحديث/ 1210 /
وأما القصة الثالثة :
فهي رديف المعنى في القصة الثانية ، إذ افتخر رجل أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل ، فقال : أنا ابن فلان ، فمن أنت؟ لا أمّ لك . فردّه المعلّم الأول صلى الله عليه وسلّم إلى الصواب بطريقة غير مباشرة ، إذ روى الحبيب المصطفى قصة مشابهة لقصتهما حدثت أما النبي موسى عليه السلام بين رجلين . فقد فَخَر الرجل الأول بآبائه فقال : أنا ابن فلان بن فلان .. حتى عدّ تسعة آباء ، لهم بين يدَيِ الناس في حياتهم المكانةُ الساميةُ غنىً ونسباً ومكانةً .. فمن أنت حتى تطاولني وتكون لي نَدّاً ؟! .
لو انتبه إلى مصير أبائه وأجداده لم يفخر بهم ، إنهم كانوا كفـّاراً يعبدون الأصنام ويتخذونها آلهة. والله تعالى يقول لأمثال هؤلاء: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصَبُ جهنّم ، أنتم لها واردون " .. لم يدخل الإيمان قلبَه فدعا بدعوى الجاهلية ، وفضّل أهلَ النار – ولو كانوا أجدادَه – على أخيه المسلم ، فكان مصيرُه مصيرَهم إذ أوحى الله إلى نبيّه موسى أن يقول له : أما أنت أيها المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم ،لأن المرء يُحشر مع من أحبّ . وقال الثاني : أنا فلان بن فلان بن الإسلام .. فخر بأبيه الذي رباه على الإسلام ، وقطع نسبه قبل أبيه ، فلم يفخر بجده الكافر ، ولم يعترف به ، فلا جامع يجمعه به .
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه *** إذا افتخروا بقيس أو تميم
هل يلتقي الكفر بالإيمان والظلام بالضياء في قلب واحد؟! شتّان شتّان ، فلن يعلوَ الإنسانُ بنسبه ، ويوم القيامة لا ينفعه سوى عمله " فإذا نُفخ في الصور فلا أنسابَ بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون " وقال تعالى كذلك " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " وهل ينفع نوحٌ ابنَه ؟ وإبراهيمُ أباهُ ، ورسولُ الله عمَّه أبا لهب ؟ ..
فأوحى الله إلى نبيّه موسى أن يهنئه بالفوز والنجاح حين قال : أما أنت أيها المنتسب إلى والدك المسلم ودينك العظيم فأنت من أهل الجنّة . تعصّبتَ إلى دينك ، وتشرفتَ بالانتساب إليه فأنت منه ، وهو منك .
مسند الإمام أحمد جزء 5 ص 128
سيد مكة عبد المطلب إبن هاشم **
_____________________________
_____________________________
حفظ الله عز وجل الحرم وأهل الحرم مع أن الأمم حولهم والقرى حولها كان يصيبها ما يصيبها من الهلاك والدمار إلا مكة إلا الحرم فإن الرب عز وجل يحفظه { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ } سيد مكة عبد المطلب إبن هاشم كان عنده عشرة من الأولاد وستة من البنات نَذرَ نَذراً أنه إذا أعطاه الله عز وجل عشرة من الذكور يمنعونه أي يبلغون قوة ومناعة يَمْنَعُونَهُ ويُعِينونه فقد نذر لله أن يذبح واحدا للألهة انظروا للنذر كيف أوصلتهم الشياطين إلى هذا أن ينذر للألهة أن يذبح واحدا من أولاده وهذه مصيبة وهذه كارثة أن يذبح الانسان ولده للألهة وفعلا أعطاه الله عشرة من الأولاد منهم””حمزة””والعباس””منهم “”أبولهب منهم “”أبو طالب “”منهم “” ضِرَارْ “”منهم “الحارث منهم “” الزبير “”وأصغرهم إسمه “”عبد الله “”وعنده ستة من البنات منهم “”صفية “” وعاتكة” وأروى “وأميمة “وغيرها فلما بلغ العشرة مبلغم جمع عبد المطلب أولاده فقال عبد المطلب لأولاده قال يَابَنِي إني قد نذرت نذرا أن أذبح واحدا منكم للألهة تخيلوا أن يقول الأب لأبنائه سأذبح واحدا منكم من وقعت عليه القرعة سوف يُقرب للألهة أما الأبناء فقد وافقوا جميعا على طلب أبيهم إفعل ما تؤمر إفعل نذرك إفعل ما تريد فإننا لك يأبنا هذا الأمر حصل مع من مع إبراهيم الخليل إبراهيم الخليل الرب عز وجل أمره أما عبد المطلب فإنه نذر نذرا للالهة الشيطان هو الذي أوحى إليه فإذا بالعشرة يجتمعون فطلب منهم عبد المطلب أن يكتب كل واحد منهم إسمه في قدح ويدخل به إلى الكعبة وكان داخل الكعبة صنم يُقال له “”هُبَلْ”” وعند هذا الصنم قِداح وكان هناك رجل يسمى صاحب القِداح دخل إليه عبد المطلب وأخبره بنذره بأنه سيذبح أحد أولاده وكل منهم قرب قدحه لِهُبل”” ولصاحب القداح ليضرب القدح بالقدح فخرج القدح على من على أصغر أبناء عبد المطلب وأحبهم إليه وهو عبد الله إبن عبد المطلب لقد حزن عبد المطلب أن خرج القدح على هذا الابن فإنه أكثر إبن كان يحبه وهو أصغرهم سنا وكان عبد المطلب عند ضرب القداح يدعوا هبل داخل الكعبة فلما إستقر الامر على إبنه عبد الله لم يكن هناك بُدٌّ إلا أن يُنفذ نذره أخذ السكين وجر إبنه عبد الله ليذبحه فإذا بأهل قريش ينظرون وقاموا من نواديهم وفزعوا ونظروا إلى عبد المطلب قالوا ماذا تصنع قال أوفي بنذري قالوا وأي نذر هذا قال أذبح عبد الله فإن القدح وقعت عليه وهذا نذري قالوا إن فعلت هذا لايزال الناس تفعل مثل ما تفعل فألحوا عليه ألا يفعل قال سأفعل ومشى لينحر إبنه فقام إليه الاشراف وقام إليه سادة قريش بل حتى بنوه قاموا إليه يمنعوه قالوا لا تفعل حتى تُعْذَرَ فيه وقال كيف اُعْذَرُ فيه قالوا هناك عرافة في الحِجاز عندها تابع يعني شيطان من الجن إذهب إليها وسالها فإن أمرتك أن تذبح هذا الابن فافعل وإلا فافعل ما تأمرك به فإن فعلت هذا أعذرت وإلا فديناه بجميع أموالنا فإذا بعبدالمطلب يقتنع بأمرهم ورأيهم ويسير بإبنه عبد الله وبعض أهل قريش إلى الحجاز إلى عرافة الحجاز
إنطلق عبد المطلب مع إبنه عبد الله ومجموعة من النفر إلى تلك العرافة التي إشتهر صَيْتُهَا فالكل يعرفها تتعامل مع شياطين الجن إنها عرافة معروفة في الحجاز وكان طِوال الطريق عبد المطلب يدعوا ربه أن ينجي إبنه عبد الله فقد كان يحبه فلما وصل عبد المطلب إلى تلك العرافة ودخل عندها وجلس أخبرها الخبر وذكر لها القصة وما قصة النذر الذي نذره ثم كيف وقعت القداح على إبنه عبد الله قال ماذا أصنع وماذا أفعل فإذا بالعرافة تقول لعبد المطلب أخرجوا من عندي الان وأتوني غدا لِمَ قالت حتى يأتيني تابعي شيطانها من الجن ولا يعلم الغيب إلا الله عز وجل فضل عبد المطلب الليل كله يدعوا الله أن ينجي إبنه وفي الصباح غدا على العرافة فدخل عليها يرجوا نجاة إبنه قال ماذا تقولين قالت كم دِيَةُ القتيل عندكم قال لها عشرة من الابل قالت إإتوا بعشرة من الابل وأتوا بعبد الله إبنك واضربوا القداح عليهما فإن وقعت وخرجت القداح على عبد الله فزيدوها عشرا بعض العشر أضيفوا عليه عشرة ثم إضربوا القداح مرة أخرى حتى تقع القداح على الابل فإن وقعت القداح على الابل فانحروها إذبحوها مهما بلغت فإن الرب قد رضيها أي إذا وقعت القداح على الابل فإن الرب قد قبل منكم هذه الابل وعفى عن صاحبكم فخرج عبد المطلب فرحا منطلقا إلى قومه فقد وجد فرصة لنجاة إبنه
رجع عبد المطلب من الحِجاز معه إبنه عبد الله لينفذ وصية العرافة وأخبر قريش بما أخبرته به العرافة فجاء بعشرة من الابل وإبنه عبد الله عندهم فجاء بالقداح وضرب القدح فإذا بالقدح يخرج على إبنه عبد الله أي مرة أخرى لابد من ذبحه فجاء بعشرة من الابل أخرى صارت عشرين فضرب بالقدح فخرجت على عبد الله فجاء بثلاثين وبأرعين حتى أوصلها للمائة فضرب بالقدح فإذا بالقداح تخرج على الابل هنا فرح الناس وفرح بنوه وفرح أهل قريش أن الالهة بزعمهم رضيت بمائة من الابل أما عبد المطلب فإنه لم يرضى قالوا ولِمَ قال حتى أضرب بالقدح مرة أخرى لأتأكد ولأتثبت أن الالهة رضيت بهذا فضرب بالقدح مرة أخرى فخرجت القدح على الابل ففرح الناس قال لم أرضى بهذا حتى أضرب بالقدح مرة ثالثة فضرب بالقدح مرة ثالثة فخرجت على الابل ونجا الله عز وجل عبد الله إبن عبد المطلب ومن شدة الفرح عبد المطلب بإبنه عبد الله ذهب إلى سيد بني زهرة وهو رجل إسمه”” وهب إبن عبد مناف إبن زهرة”” وهو سيدها جاء إليه فقال أريد أن أخطب إبنتك”” آمنة”” وكانت أشرف إمراة في مكة وسيدة نساء مكة بنت وهب قال أريد أن أخطبها قال لمن قال لابني عبدالله فكان الفرح فرحين نجا الله عزل وجل عبد الله إبن عبد المطلب ثم زوجه بسيدة نساء مكة آمنة بنت وهب وأبوها سيد بني زهرة لكن الزواج لم يدم كثيرا ما إن حملت آمنة بنت وهب من زوجها عبد الله إبن عبد المطلب إلا قدَّرَ الله عز وجل أن يتوفى عبد الله مات عبد الله ولم يرى إبنه من آمنة هكذا هو قدر الله عز وجل أن ينجي هذا الرجل حتى يتزوج هذه المرأة فلما حملت وأدى مهمته هنا توفاه الرب عز وجل
4 _ ولادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
_________________________________
_________________________________
في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الاول من عام الفيل سنة 571 خمس مائة وإحدى وسبعين للميلاد حدث في الارض أمرعظيم أمرجلل رُجِمَت فيه الشياطين وَحُرِسَت فيه السماء قيل أنه سقطت أربع عشرة شُرفة من إيواني كِسرا وانطفأت نار الماجوس يقول “”حَسَّانْ إبن ثَابْت”” كنت صبيا في المدينة وتسمى قديما يثرب يقول كنت ألعب مع الصبيان لكنني أعقل يقول في هذا اليوم ندى يهودي على أطُمٍ من الاطام يامعشر يهود يامعشر يهود يقول فاجتمع اليهود حوله قالوا ما الخبر قال ظهر اليوم نجم أحمد ظهر اليوم نجم أحمد نعم سيحصل الآن أمر غريب أعظم ولادة في تاريخ البشرية إنه ميلاد من إنه يوم ميلاد محمد صلى الله عليه وآله وسلم هنا أذِنَ الله أن تُرْحَمَ البشرية به أعظم ميلاد ميلاده وأسهل ولادة كانت ولادته لما وُلِدَ محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم تقول أمه آمنة لقد أضاء نور إلى السماء رأيت في ذلك النور قصور الشام كأن دولته وأمته ستمتد إلى الشام رأتها أمه في ذلك اليوم أي لحظة تلك التي تمر فيها البشرية أي سعادة أرسلها الله للكون بولادة أحمد عليه الصلاة والسلام أي نور سطع في كون ذلك الزمان بولادة محمد صلى الله عليه وسلم الله اكبر الله أكبر يوم وُلِد محمد ذلك اليوم هو اليوم السعيد سمع بالخبر بعد ولادته من وهو يولد برعاية الرب عز وجل وبعناية الله جل وعلا ويصنعه الله على عينه وُلِدَ محفوظا وُلِدَ معصوما وُلِد محمد صلى الله عليه وآله وسلم سمع بالخبر جده عبد المطلب فأسرع وهو يسمع صوت الطفل الذي وُلِد للتوا النور الذي خرج للبشرية فإذا بالطفل يُعطى لجده عبد المطلب الذي مات أبوه قبل أن يولد فإذا بالطفل يُعطى لجده عبد المطلب فيأخذه ويشمه شمة ويقبله ثم يُسرع به إلى البيت يطوف به يطوف بمن يطوف بالطاهر المطهر يطوف بالمصطفى عليه صلوات الله وسلامه الذي تصلي عليه الملائكة في السماء الذي يصلي عليه الرب عز وجل فإذا بعبد المطلب يحمل هذا الطفل يطوف به حول البيت ويُدخله داخل البيت فرحا مسرورا سعيدا مستبشرا بهذا الطفل الذي ولد ثم رجع به مرة أخرى يدفعه إلى أمه آمنة التي فرحت فرحا عظيما بميلاد ذلك الطفل الرضيع إذا به يدفعه إلى أمه آمنة وهو يقول لها سميته محمدا سميته محمدا فيالسعادة البشرية في ذلك اليوم بدأ البحث عمن يُرضِع محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وكان في تلك الفترة نِسوة من “”بني سعد بني بكر “”جئن إلى مكة يبحثن عمن يَرْضَعْنَهُ وكان في الجمع إمراة إسمها “”حليمة السَّعدية”” وكانت قد ركبت أثاناً لَهَا حِمار وكانت السنة سنة قحط وجدب سنة لَم تمر عليهم مثلها حتى أن حليمة وزوجها “” الحارث إبن عبد العُزى “”كان معها ولهما طفل صغير للتو مولود تقول حليمة لم يكن في ثذي ما يشبع طفلي كيف تبحث عمن ترضعه تقول حتى أن طفلي كان يبكي الليل كله فلم نكن ننام الليل من شدة بُكائه من الجوع هذا طفلها فكيف تبحث عمن ترضعه تقول حتى وصلنا إلى مكة تقول فما مِنَّا من إمراة إلا وعُرِضَ عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترضعه فرفضن جميعا لِمَ لمَّا عَلِمْن أنه يتيم وماذا نصنع بطفل يتيم ليس له أب وماذا يصنع جده وماذا تنفع أمه تقول تركناه جميعنا وبحثنا عمن نرضع فكل واحدة من صاحباتي وجدت من ترضعه وذهبت به وبقيت أنا لم أجد أحدا فقد كانت هزيلة ضعيفة حليمة تقول فقلت لزوجي والله إني أكره أن أرجع إلى صاحباتي بغير طفل أرضعه والله لأرجعن إلى اليتيم فأخذه فقال زوجي الحارث قال إفعلي فلعل الله أن يجعل فيه بركة تقول فأخذت محمدا وإني لَكَارهة لكني لم أجد غيره تقول فأخذته صلى الله عليه وآله وسلم تقول فرجعت إلى رحلي إلتحقت بالقافلة بالصُحبة لأرجع الى بلدي تقول فما إن وضعته في حجري إلا وأقبل ثدي فشرب حتى روي تقول فألقمته لمن لأخيه الطفل الجائع تقول فشرب حتى روي أخوه تقول فناما ولم يكن إبني قد نام منذ أيام تقول فلما أصبحنا قال زوجي إن النسمة التي أخذتيها فيها بركة فقالت حليمة إني لارجوا الله ذلك تقول حتى الشاة التي كانت معنا ليس فيها قطرة من لبن تقول قد إمتلأ ضرعها ضرع شاتها تقول حتى الاثان الحمار الذي أركبه تقول أسرع حتى قال النسوة لحليمة أربِعي علينا يا حليمة أين الحمار الذي جئت به وين الحمار الذي جئت به إلى مكة قالت إنه هو فقالت النسوة والله إن لهذا الحمار شئنا القضية ليست في الحمار ولا الشاة ولا اللبن إنه أفضل من خلق الله جل وعلا إنه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما حلَّ مكانا إلا وبُورِكَ فيه تقول فسرنا أياما حتى وصلنا إلى بلادنا بلاد سعد بني بكر تقول فلما وصلنا بلادنا وكانت سنة جدباء شهباء قد القحط أكل الاخضر كله ولم يُبقي لنا لبنا ولا ضرعا ولا طعاما تقول فما إن وصل محمد صلى الله عليه وسلم حتى إمتلئت شياهنا لبنا فصارت شِباعا وكنا نفرح بها كل يوم وترجع قد إمتلئت فنحلب ونشرب وأرضع أبنائي ولا ينقصنا شيء أما جيراني تقول جيراني فكانت شياههم جياع حتى أنهم ينظرون إلي فيقول بعضهم لبعض سرحوا غنمكم مع غنم بنت أبي ذئيب يقصدون حليمة تقول حليمة فإنهم ليسرحون الغنم مع غنمي فترجع غنمي شباعا وأغناهم جياعا هذا اللبن ليس لحليمة هذا اللبن ليس لهذه الشياه هذا اللبن ليس لهذا المكان إنما هو ببركة محمد صلى الله عليه وآله وسلم تقول مرت علينا سنتان من الخير والبركة لم نرى مثلها وبعد أن تم فِصاله سنتان تقول أضطررت أن أرجعه إلى أمه وإني لكارهة تقول فلما أرجعته إلى أمه آمنة وأوصلته إليها قالت قلت لامه إبقيه عندنا فإني أخاف عليه مرض مكة وأمراض مكة فلم ترضى أمه فألححت عليها حتى قبلت تقول فأرجعته أريد بركته وأحبته حليمة تقول فلما رجع عندنا وكان يلعب مع أخيه فجأة جاء رجلان يلبسان ثيابا بيضا فخاف أخ محمد في الرضاعة فأسرع إلى أمه حليمة يناديها تقول فرجعنا فإذا بمحمد قد أمسكه رجلان يلبسان ثيابا بيضا ليس برجلين إنهما ملكان تقول فأمسكاه واطجعه على الارض وشق صدره وأخرجا قلبه وغسلاه بماء في قسط ثم أرجعاه مكانه وإذا بصدره مرة أخرى يلتئم تقول حليمة فلما وصلنا إليه نظرنا إليه قد إنتقع لونه تغير وجهه تقول فضممته وأرجعته الى الخِباء وإني عليه لخائفة
لما رأت حليمة أم النبي بالرضاعة ماحصل لهذا الغلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم من شق صدره خافت وخاف زوجها فقال لها زوجها أب النبي بالرضاعة قال قد علمت ما أصابه وربما يظهر عليه أمر يضره فأرجعيه وألحقيه بأهله فأسرعت حليمة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمه آمنة فدخلت عليها فقالت آمنة ما الذي جاء بك قالت قد بلغ الله بإبني وَأدَّيْتُ الذي علي وَخِفتُ عليه الاحداث فجئتك به كما تُحبين قالت أمه قد كنت حريصة عليه ياحليمة قالت نعم قالت هناك أمر آخر فأخبرني فلم تزل بها حتى أخبرتها حليمة بحادثة شق الصدر فقالت أمه ماخافت قالت أم النبي لحليمة أخشيت عليه الشيطان خِفت عليه من الشيطان قالت نعم والله خِفت عليه فقالت آمنة بكل ثقة قالت ما للشيطان عليه من سبيل ما للشيطان عليه من سبيل إنه سيكون لابني هذا شأن عظيم ثم قالت لها هل تردين أن أخبرك بخبره قالت أخبرني قالت رأيت حين حملت به خرج نور أضاء لي قصور بُصرى بالشام ولم أسمع بحمل أسهل من حملي به سيكون لهذا الغلام شأن عظيم عاش نبينا في حظن أمه وَكَنفِها ورعايتها حتى بلغ ست سنين عاش النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كنف وحضن أمه آمنة حتى إذا بلغ ست سنين أرادت أمه أن تُفرحه فذهبت به إلى أخواله”” بني عدي بني النجار”” في المدينة سافرت به من مكة إلى المدينة وعمره ست سنين ما أجمل هذا الغلام وما أحلاه حياته سعادة يذهب إلى أخواله فيرونه ما أجمل هذا النور الذي يخرج من هذا الوجه الصغيربعد أن فرح الغلام بأخواله رآهم ورأوه وفرحوا به أرادت أمه أن ترجع به مرة أخرى إلى مكة خرجوا من المدينة وفي الطريق في منطقة إسمها “”الأبواء”” تعبت أمه ومرضت وفي تلك اللحظات قبض الله عز وجل روحها والغلام صغير لكنه يعقل لم يرى أباه أبوه مات قبل ولادته أما أمه فقد فُجِع بها وهو غلام لم يتجاوز السادسة من العمر أمه تموت أمام عينيه أمه تدفن” بالأبواء “يا الله من له في هذه الدنيا أبوه فارق الدنيا قبل أن يولد وأمه تفارق الدنيا وعمره ست سنين أي مصيبة ألمت بهذا الغلام الصغير أي كارثة حلت به فقد والديه وهو في هذا العمر يالله يالله كيف كان يشعر بأبيه وأمه وهو في هذا السن الرب عز وجل يرعاه والرب عز وجل يحفظه لكن الألم شديد والمصيبة كبرى دُفِنَت أمه فيالله أي حزن خيم على ذلك القلب الصغير ثم اُخِد بالنبي صلى الله عليه وسلم واُرجِع إلى مكة فاقدا لوالديه
بعد وفاة أمه عليه الصلاة والسلام تكفل به جده وعمره ست سنين جده عبد المطلب إبن هاشم سيد مكة يتكفل بمحمد صلى الله عليه وسلم ذو الست سنوات ويجعله مع أبنائه البقية أعمام النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكانت لعبد المطلب عادة كل يوم إذا بدأ الظل في الكعبة كان ابناءه أعمام النبي كانوا يُفرشون له سجادة في ظل الكعبة لكن لايتجرأ أحد أن يجلس عليها حتى يأتي عبد المطلب فإذا جلس جلس أبنائه حوله إحتراما له إلا ما كان من محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو صبي صغير كان يأتي قبل أعمامه ويجلس على السجادة قبل أن يجلس جده عليها عبد المطلب فكان أعمامه يحاولون منعه وإبعاده عن السجادة لكن عبد المطلب ما كان يرضى وكان يقول لابنائه دعوه دعوه فإن لهذا الغلام شأن عظيم فإن لهذا الغلام شأن عظيم فكان يُقَرِّبُ محمدا وهو غلام صغير ست سنوات يقربه إليه فيمسح رأسه ويمسح ظهره هكذا كان يحبه عبد المطلب لكن لم يظل النبي عنده إلا سنتين فلما بلغ الثمان سنين توفى الله عز وجل عبد المطلب أيضا فجِع النبي بجده لم يرى أباه وفجِع بأمه والان بجده عبد المطلب فتكفل به عمه أبو طالب عبد المطلب كان قد تولى كفالة ورعاية زمزم فلما توفي عبد المطلب تولى رعاية والإشراف على زمزم إبنه العباس وظل آل العباس إلى يومنا هذا هم الذين يُشرفون على زمزم وشؤونها ظل نبينا عليه الصلاة والسلام في رعاية عمه أبي طالب إلى أن شب وَكَبِرَ
ظل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رعاية وعناية عمه أبي طالب وكان أبو طالب يحبه من بين أبنائه ورعاه رعاية كبيرة حتى أنه كان يعلمه ويدربه منذ الصغر على التجارة ولما قرر أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يذهب إلى تجارة إلى الشام أخذ محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وكان عمره إثنا عشر عاما سارت القافلة إلى الشام ووصلت إلى منطقة تسمى”” بُصْرَى”” في الشام فلما وصلت تلك القافلة كان هناك ِديرٌ لِرَاهِب وما كان يخرج من ديره كان يتفرغ للعبادة لكنه لما رأى تلك القافلة خرج وذهب إلى تلك القافلة يترقبها وينظر إليها حتى وصل إلى محمد صلى الله عليه وسلم كان غلاما إثنا عشر سنة فنظر بين كتفيه فوجد علامة فتأكد الراهب فسأل من الوصي على هذا الغلام فدُلَّ على أبي طالب قال من أنت قال أنا أبوه فقال الراهب لا ما كان لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا قال إنه إبن أخي قال الان صدقت الان صدقت قال وما تقول قال ما من حجر ولا شجر مررتم عليها في طريقكم إلا خرُّواْ سُجَّداً وما كانوا يسجدون إلا لِمرور نبي ثم قال وقد رأيت علماته هذا سيكون سيدا للعالمين هذا سيكون رحمة
للعالمين {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }وأكرمهم ذلك الراهب وضيفهم ما كان يفعلها لاي قافلة تمر ثم بعد أن أكرمهم سأل ابي طالب أين ستذهبون به بهذا الغلام قال إلى تلك المناطق نبيع ونشتري تجارة فقال له الراهب لا تفعل لا تفعل فإني لا آمان عليه إن عَلِمَ أحد بأمره سيكيدون له شرا قال وماذا أصنع قال إني ناصح لكم أن ترجعوا بهذا الغلام إلا مكة ولا تذهبوا به إلى تلك الاماكن وأخذ أبو طالب بنصيحة هذا الراهب وإسمه”” بُحَيْرَى”” وأرجع محمدا صلى الله عليه وآله وسلم برفقة بعض الرجال أمَّنَهُم ثم رجعوا به إلى مكة آمنا سالما حتى لايُصاب بأذى هكذا بدأت علامة محمد صلى الله عليه وآله وسلم تظهر للناس وبدأت الامور تتكشف شيئا فشيئا فهو يكبر لكن لا كغيره من أقرانه
لما بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عشرين من العمر حصل في قريش معركة وسبب هذه المعركة أن قريش وكِنانة وهي في طرف رجل منهم قتل بعض الرجال من قبيلة تسمى”” قيس عيلان””فحصل بينهم معركة في عُكاظ وثارت المعركة وحصد كل من الفريقين قتلى من الاخر وكان النبي في العشرين من عمره وقد شارك في هذه المعركة وكان يُجهز النبل لأعمامه وثارت هذه المعركة حتى كثر القتلى من الطرفين والمصيبة أن المعركة حصلت في الاشهر الحُرم ولهذا سميت هذه المعركة معركة “”الفِجار””فقد فَجَرَ الناس فيها وقاتلوا في الاشهر الحُرم التي كانوا يحرمون فيها القتال حتى إذا قرب النهار على الانتهاء إتفق الطرفان على أن يُوقِفوا القتال ويحسب القتلى من الطرفين فإذا كان قتلى أحد الفريقين أكثر أعطاهم الفريق الاخر دِيَة ليسدّدوا ثمن قتلاهم هذه المعركة سُميت معركة الفِجار بعد هذه المعركة حصلت أمر أيضا في مكة جاء رجل من”” زبيد””ببضاعة إلى الحرم يبيعها فاشتراها منه رجل إسمه”” العاص إبن وائل السهمي””فلما إشترى البضاعة لم يُعطيه الثمن حاول به فلم يُعطيه فذهب إلى الناس يريد من ينصره ومن يُعينه على أخذ ثمن هذه البضاعة فلم يُعطيه أحد أي قوة يستنصر بها على من ظلمه وهو العاص إبن وائل فذهب الرجل المظلوم الزبيدي إلى جبل أبي قبيث فعلاه وصرخ بأعلى صوته وقال شعرا يستنصر الناس فسمعه من الزبير إبن عبد المطلب قال مالك فأخبره بالخبر فسرخ الزبير قال أيها الناس ما بالكم رجل يأتي إلى الحرم وتأخذون أمواله ويُظلم ولا ينصره أحد منكم فتداعا الاشراف أشراف القبائل بعد معركة الفِجار وبعد ما حصل من ظلم هذا الرجل تداعا الاشراف من قريش أشراف القبائل من”” بني هاشم”” بني عبد المطلب “”وزهرة”” وَتَيْن”” وغيرهم من الاشراف تداعوا إلى حِلْفٍ سُمي حِلْفُ سُمي حلف “”الفضول “”عُقد في بيت “عبد الله إبن جدعان “وهذا رجل شريف سيد من السادات وكان بين الحاضرين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يحضر لأنه الصادق الامين يحضر لأن الناس تحب كلامه ومنطقه يحضر لأنه أهل لأن يحضر مثل هذا الحلف وأي حلف تعاقدوا عليه تعاقدوا على أنه لا يأتي إلى الحرم مظلوم سواء كان من أهل مكة أو من غير أهلها إلا وانتصرت له مكة قريش وقبائلها تنتصر للمظلوم ممن كان سواء كان من أهل قريش أو من غير أهل قريش وهكذا يقول النبي عن هذا الحلف الذي كان من أعظم الاحلاف في ذلك الزمان بل لم يكن أحد من العرب يفكر في حلف مثل هذا يقول لقد دعيت إلى حلف في دار عبد الله إبن جدعان يقول ما أحب أن يكون له به حبر النعم لو أعطيت بدل حضور هذا الحلف أموال كثيرة جدا ما رضيت وما قبلت ثم قال عليه الصلاة والسلام لو دعيت إليه في الاسلام لقبلت أي أقبل حضور أي حلف ممن كان إذا كان لِنصرة المظلوم هكذا كان عليه الصلاة والسلام يهتم بالمظلوم ولا يُبالي بمن يدعوا لِنصرة المظلوم سواء كان مسلما أو غير مسلم المهم أن ينصر المظلوم فانتشر بين القبائل وانتشر بين العرب أن هذا الحرم حرم وأن أهل مكة سيقومون مع المظلوم وينصرونه مهما كان سواء كان منهم أو كان من غيرهم وهكذا إرتفعت مكانة قريش وقبائلها وارتفعت مكانة سادتها وأشرافها بين القبائل أي أنها تنصر المظلوم عاش النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاش يتيما في بدايته فأواه الرب عز وجل كان لا يملك شيئا من المال وكان يرعى الغنم وما من نبي إلا رعا الغنم كان يرعى الغنم ويُعطى قراريص يأكل منها عليه الصلاة والسلام لما كبر شيئا ما بدأ يعمل بالتجارة وحصل على بعض الاموال يعمل فيها فأغناه الرب عز وجل حفظه الرب في صِغره { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى، وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى، وَوَجَدَكَ عَائِلاً } فقيرا {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى}حفظه الرب عز وجل في صغره كان يتيما فأواه الرب وحفظه وكان عائلا فقيرا فأغناه ربنا جل وعلا
5 _ زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بخديجة وحديث بنيان الكعبة
___________________________________________________
___________________________________________________
وكان في مكة إمرأة نسيبة شريفة فاضلة إسمها”” خديجة بنت خويلد”” وكانت هذه المرأة ذات نسب شريف وذات مال كثير وكانت تُرسِل أمولها على أيدي التجار إلى البلاد للبيع والشراء كانت تاجرة وفي تلك الفترة سألت غلاما لها إسمه”” مَيْسَرَة”” من تعرف للذهاب بالمال للبيع والشراء فإذا بميسرة يُخبِرها عن رجل إسمه محمد إبن عبد الله يُسَمَى في مكة وخديجة تسمع به يُسمى الصادق الامين أشار عليها بمحمد فأرسلت ميسرة إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم يستشيره في الذهاب بمال خديجة للبيع والشراء في الشام فرضي النبي بهذا وقبل بعرضها على أن تكون له نسبة في البيع والشراء فهو حاله كحال غيره وكانت قريش تعمل بالتجارة ومعروفة في القبائل أنها ذات تجارة أخذ الصادق الامين محمد إبن عبد الله عليه الصلاة والسلام أموال خديجة ومعه ميسرة وسار جهة الشام في الطريق كان ميسرة يستغرب منه تظهر علامة على رسول الله إلى الان لم يُعرف لم يُبعث لكن هناك علامة غربية ميسرة يراقبه مالذي يحصل ما الذي يجري كان في الطريق إذا إشتد الحر الغمام يتبعه فإذا توقف توقف الغمام معه في بعض الروايات ميسرة كان يقول ليس ذاك بغمام إنما هي ملائكة تضلله بأجنحتها من هذا الرجل الذي تتبعه الملائكة تضلله من الشمس الحارة بل وصل إلى قرب الشام في مكان وكانت هناك شجرة فنزل النبي تحتها يستضل بضلها وكان عند الشجرة دير مكان للعبادة فيه راهب خرج الراهب من الدير فأخذ ينظر إلى هذه العير التي وصلت وإلى هذه القافلة التي وصلت فلاحظ أمرا غريبا لاحظ هذا الراهب أن هذه الشجرة نزل تحتها رجل فأخذ الراهب يرقبه ويلاحظه ويدقق النظر فيه وينظر إلى هذه العير وإلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم لما تأكد جاء إلى ميسرة وعلم أن ميسرة صاحب لهذا المال غلام لسيدة هذا المال فسأل ميسرة قال من هذا الرجل قال إنه محمد إبن عبد الله إبن عبد المطلب قريشي هاشمي من أهل الحرم فقال الراهب لميسرة قال ماشأن هذا الرجل قال لاشيء جاء يبيع بالتجارة ويشتري فقال الراهب والله مانزل تحت هذه الشجرة إلا نبي من الانبياء كأن الراهب بدأ الان يُبشر ويستبشر بأن هذا سيكون نبي من الانبياء هذا مكان ماينزل فيه إلى الانبياء تقدير من الله جل وعلا والراهب عنده علم من الكتاب ميسرة بعد أن انتهت التجارة وربح النبي ربحا كبيرا ليس كالعادة رجع بالتجارة والقافلة إلى خديجة وأعطاها أموالها فجاء ميسرة يُخبر خديجة بالذي رأى وبالذي سمع قال والله رأيته يمشي والغمام أو الملائكة تظلله تقف إذا وقف وتمشي إذا مشى وأخبرها بخبر الراهب هنا وقع شيء في قلب خديجة من إعظام محمد وإعطائه منزلته
لما سمعت خديجة رضي الله عنها بأخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصِفاته تلك الاخلاق التي إنتشرت بين الناس فهو الصادق الامين وأخبرها ميسرة بما رأى أحبت خديجة أن تتزوج من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الان مابُعِث لكنها سيدة النساء هي أشرف إمرأة في مكة هي أعظمهن خلقا بل هي سيدة نساء العالمين إنها خديجة أرسلت إلى رسول الله أنني لقرابة منك فهي تجتمع برسول الله بأحد اجدادها ولعلم بأخلاقك وثقتك بين قومك فإنني أرغب بالزواج منك مباشرة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أعمامه يستشيرهم إلى حمزة إلى أبي طالب إلى غيرهم من أعمامه جلس معهم فرحبوا بالفكرة فمن من الناس يرغب عن خديجة بل كان سادة قريش وأشراف قريش يتمنون الزواج منها هي الان تعرض نفسها على رسول الله فرحب أعمامه وذهب معه عمه حمزة إبن عبد المطلب وكان شريفا في قومه سيدا من سادتهم ذهب إلى والد خديجة “” خُوَّيْلِدْ إبن أسد””وجلس عنده يخطب خديجة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فوافق والدها مباشرة من يرد محمدا سيد الناس بل سيد الخلق أجمعين فإذا بالخطوبة تتم وإذا بالزواج يتفق الطرفان على مهر قدره عشرين بكرة من الابل فيصدقها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعشرين بكرة من الابل وصارت وليمة وزفافا ما أحلاه من زفاف وزواج ما أعظمه من زواج يتزوج فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيد الخلق من سيدة نساء العالمين فعاش معها أحلى حياة وأجمل حياة بل ما تزوج عليها حتى ماتت وكان يحبها حبا عظيما ولدت له كل أولاده إلا إبراهيم فقد جاء للنبي من مارية القبطية أنجبت له “القاسم”وكان يُكنى بأبي القاسم بأبيه وأمي عليه الصلاة والسلام “أنجبت له بعد القاسم “الطيب”الطاهر” ثلاثة من الذكور ومن الاناث رقية”و”زينب”وأم كلثوم”وفاطمة ” فسبعة أولاد أنجبت له خديجة أم أولاده أما أولاده الذكور حتى إبراهيم من مارية كلهم ماتوا صغار قبل البعثة أما البنات فقد بقين حتى البعثة وأسلمن وهاجرن معه ومتن جميعا قبله إلا فاطمة الزهراء سيدة النساء بقية بعد وفاته بشهور ثم توفيت أولاده من خديجة حياته أجمل حياة أكرمها وأحسن إليها وأكرمته وأحسنت إليه كان يعيش معها أسعد لحظات عمره بسبب أنها أحب الناس إليه خديجة التي ضحت بنفسها ومالها من أجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أثناء حياتها مع رسول الله تعجبت خديجة فهذا الانسان له أمور غريبة فابلإضافة إلى ماذكر ميسرة من رحلته وما ذكره الراهب في رحلته بل إن خديجة رأت من رسول الله خلقا عظيما لاكخلق الناس وأمور غريبة لاتحصل لاحد الناس فذهبت مباشرة إلى إبن عم لها “”ورقة إبن نوفل “”الذي بقي على التوحيد وتعلم علم الكتاب فقصت عليه القصص وأخبرته بالخبر فقال ورقة قال يا خديجة والله إنني أظن أن محمدا سيكون نبي هذه الامة إنني أعلم أن هذا هو زمان يخرج فيه نبي وهذا زمانه وإني لاظنه محمدا وإني لاظنه محمدا فَصُرَتْ خديجة بهذا واستبشرت بهذا الخبر
حديث بُنيان الكعبة
لما بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الخامسة والثلاثين من العمر لم تكن الكعبة كحالنا في هذه الأيام كانت أقصر من هذا بكثير بل لم تكن أصلا مسقوفة هذه الكعبة وكان في الكعبة بئر فيه كنز الكعبة هذا البئر كان فيه كنز ثمين لا يقترب منه أحد من الناس ولأن الكعبة غير مسقوفة ولأن إرتفاعها كان قصيرا حصل في ذلك الزمان وعمر نبينا خمس وثلاثين سنة أن أتى نفر على حين غفلة من أهل مكة وتصوروا الجدار وسرقوا كنز الكعبة وأصبح الناس في الصباح أصابهم الهم والغم كيف يُسرق كنز الكعبة ونحن سَدَنَتُهَا ونحن حُمَاتُها كيف يحصل هذا فقرر أهل مكة أن يُعيدوا بناء الكعبة بناءا أحسن من هذا حتى لايعتدي أحد عليها لكن كيف يصنعون هذا قدر الرب عز وجل في ذلك الزمان أن تغرق سفينة في البحر لتاجر من أهل الروم فتُلْقِي الشواطئ هذا الخشب خشب السفينة إلى شاطئ البحر فإذا بهم يجمعون الخشب ويأتون به وماذا نصنع بهذا الخشب كان هناك رجل قِبْطْيٌ يعيش في مكة يصنع بالبناء ويعمل بالنجارة وكان يعمل في مهنته عملا يُجيده فاتفقوا معه أن يُعينهم على بناء الكعبة فوافق الرجل الخشب موجود والرجل البناء موجود لكنهم مع هذا هابوا فقد كان في الكعبة كل يوم تخرج منها حية يظن أهل مكة أنها تحرس الكعبة وكان كلما أراد أحد أن يقترب منها صَغَرَتْ فَاهَا وفتحت فاهَا وكان أهل مكة يَهَابونَهَا فلم يستطيعوا أن يقتربوا من الكعبة وهذه الحية فيها فأرسل الرب عز وجل في ذلك الزمان طائرا فإذا به يأتي طائر غريب منظره غريب يأتي من السماء فإذا به يأخذ الحية ويذهب بها فعلمت قريش وعلم أهل مكة أن الرب عز وجل يُسهل لهم الامر لاعادة بناء الكعبة لكنهم إتفقوا على أمر فجاء سيد من سداتهم وقال يامعشر قريش تعلمون أن هذا بيت الله الذي بناه إبراهيم هذا بيت الله فإذا أردتم بنائه فلا تُدْخِلُوا في بنائه إلا كَسْباً طيبا لا تدخل فيه مهر بغي ولا بيع ربآ ولا مظلمة لأحد فأخذوا يجمعون المال الطيب لكن المال الطيب لايكفي حتى لبناء الكعبة فقد كثر فيهم الحرام وجاء اليوم المحدد لهدم الكعبة وإعادة بنائها من يجرأ من يجرأ على أن يهدم حجرا من هذه الكعبة فقام ” الوليد إبن المُغِيرة” ورفع المِعول ودعا ربه وقال والناس ينظرون الكل خائف من يعتدي على الكعبة من يجرأ على هذا فقال الوليد” اللَّهُمَ لَمْ تَرَعْ اللَّهُمَ إنَّكَ تَعْلَم أنَّنَا لَمْ نريد إلا الخير” ثم رفع المِعول وأخذ يضرب في الكعبة من جهة الرُّكنين وأخذ يضرب في الكعبة فهدم جزأ منها ولم يقترب أحد من الناس الناس ينظرون إلى الوليد ما الذي سيحصل له فإذا به لما أمسى المساء ذهب إلى بيته ولم يمس أحدا منهم الكعبة قالوا ننظر ما الذي يحصل له في اليوم الثاني في اليوم الثاني فإذا بالوليد يخرج لم يُصب بشيء وذهب لإكمال هدم الكعبة فعلم الناس أن الله عز وجل أذِنَ لهم بِهَذا فأكملوا هدم الكعبة حتى وصلوا إلى أساسها وكان أساسها بعيدا فلما وصلوا إلى الأساس وجدوا حجارة خضراء كالسِّنَام مُتراصة بعضها ببعض فقام رجل يريد أن يُفَرِّجَ بين الحجرين فوضع المِعول ولما حرك الاساس فإذا بمكة كلها تهتز فخاف الناس وتراجعوا وتركوا الأساس على حاله وأتموا بناء الكعبة كل قبيلة أخذت جزأ من الكعبة أتموا بناء الكعبة فقصرت بهم النفقة فلم يُكملوا البناء وتركوا جهة الحجر خاليا وهذا بنائها إلى اليوم وكان في الكعبة بابين فإذا بهم يغلقون باباً ويفتحون باباً واحدا ورفعوا البناء قليلا حتى لا يدخله أحد من الناس وسقفوا الكعبة وأحكموا إغلاقها
لما تم بناء البيت ولم يُبنى على قواعد إبراهيم عليه السلام فقد قصرت النفقة وأخرج الحطيم أو الحِجر من البيت وَبُنِيَ بِنَاءً آخر أخذت كل قبيلة نصيبها من بناء البيت لكن بقي أهم شيء في البيت الآن ألى وهو الحجر ذلك الركن الحجر الذي أنزله الله عز وجل أمر بإنزاله من الجنة يُروى أنه كان أبيض لكن سودته خطايا بني آدم هذا الموضع المهم كل قبيلة تنافست أيهم يضع هذا الحجر فقالت كل قبيلة نحن أولى من غيرنا فاختلفوا فيما بينهم كاد الامر أن يزداد والخلاف أن يشتد لولا أن كبيرهم “أبو أمية إبن المغيرة ” وكان أسنهم في ذلك اليوم جلس بينهم وجمع أشراف القبائل فقال لهم إذا إختلفتم فلترضوا بأول داخل عليكم الآن أول رجل يدخل علينا الآن هو الذي يحكم فينا فانتظروا وبعد قليل دخل عليهم أفضل الناس وخير البشر من إنه محمد صلى الله عليه وآله وسلم فلما دخل قال الناس والأشراف هذا الامين رضينا بِحُكْمِهِ هذا الامين ننزل عند حكمه الكل رضي به فقد كان يسمى الصادق الامين في مكة وما حولها فلما دخل النبي صلى الله عليه وآله سلم وعرضوا عليه الخلاف بين القبائل أنظروا إلى حكمته قال إبسطوا لي ثوبا فبسطوا له ثوبا على الارض ثم وضع الحجر على الثوب ثم أمر كل قبيلة أن تأخذ بطرف لهذا الرداء فإذا بكل قبيلة تأخذ طرفا فحملوا الرداء وتوجهوا به إلى الركن فلما وصلوا إلى الركن رضيت القبائل كلها أن يرفع الحجر ويضعه في مكانه من خير الخلق الصادق الامين الذي رضيت الناس لحكمه فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحجر فوضعه في مكانه فتم بناء بيت الله عز وجل ذلك البناء العظيم الذي قُدِّسَ على مَرِّ التاريخ الذي حُفِظ وجعله الله عز وجل آية من آيآته في الارض { إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للِنَّاسِ } أول بيت وُضِع للناس لِعِبادة الله جل وعلا هي هذه الكعبة { إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للِنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ } هدايته ليست فقط لأمة واحدة بل للعالمين جميعا { مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّنَاتٌ} هذا الحجر الاسود المبارك من مسه واستلمه كان حقا أن يكون له شاهدا عند الله يوم القيامة {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتُ مَقَامُ إبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } هكذا تم بناء بيت الله عز وجل الكعبة المشرفة
في هذه الفترة كان علماء أهل الكتاب كانوا يتدارسون فيما بينهم أن هذا هو زمان خروج نبي من الأنبياء كان الكل مُتفق أن هذا هو زمانه بل كانوا يعرفون أوصافه وجاء في بعض النسخ إسمه بالتحديد فالتوراة على نُسَخِهَا واختلافها والانجيل على إختلاف نسخه فالكل كان يتفق أن هذا هو الزمان الذي وُعِدَتْ بِهِ البشرية بخروج نبي يُنقِذها من الظلام ويُخْرِجُها من الظلام إلى النور بل كان بعض أهل الكتاب يتدارس فيما بينه وبين إخوانه من أهل الكتاب أن هذا النبي سيخرج من بلاد العرب حتى ذُكِرَ في بعض النسخ بعض النصوص التي تدل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم كُتِبَ في بعض نسخ التوراة” أقبل الرب من سيناء وأشرق في سعير وتجلا في جبل “فَرَانْ “سيناء” إشارة إلى موسى عليه السلام “وسعير إشارة إلى عيسى عليه السلام “أما جبل” فَرَانْ” فهو جبل مكة “وهذا كان موجودا في العهد القديم ومطبوع عندهم بل ذُكِر النبي بإسمه في بعض النسخ كنسخة ذكر فيها أن الارض سَتُملأ تحميدا لأحمد وأنه سيملك بيمينه رقاب الأمم كل هذه الكلمات كانت تذكر في نسخ التوراة ونسخ الأنجيل وكان الأحبار والرهبان والقساوسة يتدارسون فيما بينهم خروج النبي وإقتراب زمنه بل إن” سلمان الفارسي” رضي الله عنه كان مجوسيا فصار من إهل الكتاب إنتقل من دين إلى دين وجلس مع العلماء والرهبان والأحبار والقساوسة فأخبروه أن هذا هو زمان خروج النبي فلما سألهم وكيف أعرفه قالوا سيخرج في أرض بين حَرَّتَيْنِ وَذاُتُ نخل وصفوا له المدينة حتى جبال ” سَالِع” جبل عند المدينة فإن هذا الجبل مذكور بإسمه في نسخ التوراة القديمة فمطبوعاتهم ونسخهم ونقلهم ومؤثراتهم كلها كانت تؤكد أن هذا هو زمان خروج النبي حتى اليهود في المدينة كانوا يتوعدون الأوس والخزرج بأن هذا هو زمان خروج نبي وسوف نتبعه ونقاتلكم معه كلها كانت تبشر { وَإذْ قَالَ عِيسَى إبْنُ مَرْيَمَ يابَنِي إسْرَآئِيلَ إنِّي رَسُولُ اللهِ إلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولِ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي إسْمُهُ أحْمَدْ فَلَّمَا جَآءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُواْ هَذاَ سِحْرُ مُّبِينٌ)
6 _ نزول الوحى
____________
6 _ نزول الوحى
____________
إنتشر الشرك بالارض إنتشارا كبيرا فالأصنام التي تُعبَدُ من دون الله والتي يُطاف بها عِبادة لها والذبح الذي كان لغير الله عز وجل ودعاء غير الله جل وعلا والإستعانة بغير الله الشياطين قد إستحكمت في الارض وكذلك إرتفعت إلى السماء هذه الشياطين إتخذت مقاعد في السماء للسمع تسترق السمع من الملائكة فتتعامل مع السحرة والكهنة والعرافين ليكفرالناس بدينهم ويكفروا بربهم جل وعلا هذه أعظم وأفضل مرحلة للشياطين في الارض وكذلك التي إرتفعت في السماء لكن حصل في الارض وفي السماء أمر غريب حكته الشياطين والجن عن نفسها قالت كما حكى الله عنهم { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا}مالذي حدث السماء تغيرت الكون بدأ يتغير { فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} إمتلئت الملائكة في السماء تحرسها سيحصل في الارض أمر خطير والارض على موعد لِتَغَيُّرٍ تتغير في البشرية كلها { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} كنا في السابق نستمع ولا يتعرض لنا شيء إلا القليل لم تكن هذه الحرس بهذه الكثرة ولم تكن بهذه الشدة ولم تُحرس السماء على مَرِّ التاريخ مثل هذه الفترة مالذي يحصل كأن الكون يُعَدُّ لامر عظيم كأن الارض تتجهز لحدث كبير السماء تشتد حراستها والشُهب بدأت ترجم الشياطين في السماء لتمنعها من الوصول إلى السماء { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} الان سترصدكم هذه الشُّهُب سترصدكم الآن وسترميكم هذه السماء التي زُينت بهذه النجوم ستبدأ الان تحرس هذه السماء وبدأت الشياطين تفر من السماء وبدأت تهرب من السماء تتناقل الشياطين بعضها بين بعض مالذي حدث مالذي جرى مالذي سيحصل إنتشرت الشياطين في الارض تبحث ما هذا الحدث الجلل الذي سيحدث في الارض اليوم السماء تغيرت والحراسة إشتدت والشُهب ترمينا من كل مكان إذن سيحصل أمر غريب وسيحصل أمر خطير إنها رحمة الله ستتنزل على البشرية كُلِّها
بدأت تحصل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمورا غريبة منها على سبيل المثال كان ينام النومة فيرى فيها رؤية مثل الحلم لكنها رؤية فإذا قام الصبح رأها كما رأها في المنام تماما وكان الامر غريبا مُستغربا قد يحصل الأمر مرة ومرتين لكن الأمر تتكرر كثيرا مع رسول صلى الله عليه وآله وسلم لِمَ ليتهيأ لأمرعظيم سيرى أمورا أكبر وأعظم من هذا فهذه الرؤية كانت تهيأه صلى الله عليه وآله وسلم وبهذا بدأت المرحلة الأولى في حياة نبينا حياة المُعْجِزَاتْ حياة التَغَيُّرات نوامس الكون ستتغير من أجلك يارسول الله ثم بعدها تغيرت أمور أكثر وأكثر كان أحيانا يُبعد ويعتزل الناس ويذهب بعيدا عنهم لِيقضي حاجة له أو لِغيرها من الامور وكان لِوحده يمشي في الصحراء فيسمع الاحجار تسلم عليه الله اكبر الله اكبر الحجر يسلم عليك يارسول الله الجمادات تعرف قدره عليه الصلاة والسلام الاحجار التي تسبح الله جل وعلا أيضا تعرف حق نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم فتسلم عليه إذا كان الرب عز وجل في السماء يصلي عليه إذا كانت الملائكة في السماء تصلى عليه مابالوا الحجارة لا تسلم على رسول الله يمر بين الاحجار والأحجار تسلم عليه هو خير من يمشي على الثرى هو الذي إصطفاه الرب عز وجل من بين البشر جميعا لم يخلق الله عز وجل بشرا كمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ليس هذا فقط بل كان لايحب الشرك وأهله ولم يكن يرضى أن يرى الناس يفعلون هذه المنكرات وهذه الفواحش وهذه الشركيات فكان يعتزل الناس ويذهب إلى غار يسمى غار “”حيراء”” يجلس فيه الايام والليالي ماذا كان يصنع الله أعلم كان يتعبد ربه عز وجل بتسبيح ربما علمه الرب إياه بتفكر في الخلق ربما أُلْهِمَهُ صلى الله عليه وآله وسلم فقد عاش على الفطرة لم يرتكب فاحشة ولا منكرا ولم يفعل شركا أبدا بل كان يعتزل الشرك وأهله ويجلس في الغار أياما وليالي يختلي بينه وبين ربه عز وجل هكذا كانت بدايات تغير الحياة لرسول الله صلى الله عيله وآله وسلم
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُحب الخُلوة والإبتعاد عن الشرك وأهله وكان يقضي شهرا كاملا كل عام في غار إسمه غار حيراء يرقى الجبل ويجلس في الغار يتعبد ربه جل وعلا من الذي كان يأتيه بالطعام زوجته خديجة رضي الله عنها كانت تأتيه بالزاد والماء والطعام وأحيانا كان يمر عليه المساكين والفقراء فيعطيهم شيئا من الطعام ماذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الآن مانزل الوحي إلى الان ما بدأت البعثة ليس هناك قرءان يقرأه أو صلاة يصليها لكنه كان يتفكر في خلق الله جل وعلا وكان يذكر الله عز وجل بقلبه { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}ماذا كان يفعل النبي في هذا الغار هذا سر بينه وبين ربه ما أحلاها من جلسة يختلي فيها العبد بينه وبين الله كل عام شهر كامل يتزود فيها من الإيمان من اليقين بربه جل وعلا وبتوحيده فلم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طوال حياته يقر الشرك وأهله بل كان يتلذذ بإعتزال الشرك وأهله والجلوس في مكان موحش مظلم لكنه مُضِيئٌ بالتفكر في خلق الله وذكر الله ولوكان بقلبه هكذا كان يقضي النبي أوقاته ويستمر في الجلوس ويتلذذ في هذا المكان في غار حيراء
في إحدى السنوات وعُمْرُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعون عاما وكان يتعبد الله عز وجل في ذلك الغار فجأة إذ دخل عليه ورأى شيئا غريبا من جآءه من ورائه فغطاه وظمه ظمة شديدة حتى كاد أن يموت عليه الصلاة والسلام فقال له إقرأ قال ما أنا بقارئ هذه الكلمات هنا أذِنَ الرب عز وجل أن تُرْحَمَ البشرية أذِنَ الرب عز وجل بهذه الكلمة أن يتغير مجرى التاريخ أذن الرب عز وجل أن يرحم خلقه بهذه الكلمة هنا بدأ الوحي ينزل هنا بدأت الرحمات تتنزل إقرأ قال ما أنا بقارئ قال إقرأ قال ما أنا بقارئ وكان النبي خائفا فزعا من هذا الذي دخل علي ماهذا المخلوق الذي جآئني ماهذا الذي يحصل ويقول له إقرأ وما هو بقارئ قال ما أنا بقارئ قال إقرأ قال ما أنا بقارئ فإذا بجبريل عليه السلام الروح الامين يبدأ تلاوة أول
القرءان { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَم الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } سمعها النبي صلى الله عليه وسلم ففزع ما هذا الكلام إنه كلام غريب ليس بشعر وليس بكلام بشر هنا النور نزل في الارض هنا رحمة الله شعت كالنور لِتُغَيِّر تاريخ البشرية كلها هنا نظر الرب عز وجل إلى الارض نظر رحمة { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } الله اكبر يوم أذِن الرب عز وجل أن ينزل الوحي إلى البشر الله اكبر يوم أذن الرب عز وجل أن تُنْقَذَ البشرية من الضلال من وحل الشرك والفساد أن تُرحم البشرية بمحمد صلى الله عليه وسلم الله اكبر يوم أمر الله جبريل أفضل وسيد الملائكة الروح الأمين أن ينزل على سيد خلقه وأفضل خلقه محمد صلى الله عليه وآله وسلم سمع النبي هذه الأيآت فأراد أن يرجع إلى بيت زوجته خديجة فإذا به بالطريق يراه جبريل عليه السلام مرة أخرى ويراه النبي جهاراً يراه النبي له ست مائة جناح يقول كل جناح غطى الأفق فأخبره أنه جبريل أنه الروح الأمين وأنك يامحمد نبي ورسول هذه الأمة { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } هذه أعظم اللحظات في تاريخ هذه الأمة بل تاريخ البشرية كلها إن الله نظر إلى أهل الارض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب لكن الرب عز وجل الآن أذِن أن يهتدي أولئك الناس الذين إنغمسوا في الشرك ماأحلاها من لحظات وما أسعدها من ساعات يوم يلتقي سيد الملائكة بسيد البشر ولأول مرة يسمعها منه غظة طرية من عند ربه عز وجل قيل أن هذه اللحظات كانت في شهر رمضان وقيل في غيرها من الشهور لكن هنا بدأ الوحي وهنا بدأ القرءان ينزل وهذا أول نزوله سمعه النبي وأسرع قافلا إلى بيت خديجة
أسرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت خديجة بعد أن رأى ما رأى فزعا قلقا ما هذا الذي رآه يشتكي لمن إلا خديجة إنها زوجته إنها التي كانت رفيقة دربه فحدثها بما رأى قالت أخبرني يا أبا القاسم ما الذي رأيت ما الذي جرى فقص عليها القصص قص عليه ما رأى وقد كانت بُشِرَّتْ قبل هذا بأنه ربما يكون نبي هذه الامة فلما أخبرها بالخبر قالت أبشر يا أبا القاسم أبشر فإن الله لن يُضيعك إنك تصل الرحم وتُقرِي الضيف وتحمل الكَلْ وتُعِين على نوائب الحق أبشر فإن الله لن يُضَيِّعَكَ ثم قالت له بعد أن هدأ ما رأيك أن نذهب إلى إبن عم لي ورقة بن نوفل رجل كبير بالسن ضرير صار أعمى وكان قد تعلم الانجيل والتوراة وعلم أهل الكتاب رجل عنده علم وقد كان بَشَّرَ خديجة بزمن أن هذا زمان خروج نبي وأرجو أن يكون محمدا كان قد بشرها قبل هذا الآن تذكرت خديجة كلام ورقة إبن نوفل فإذا بها تأخذ زوجها وحبيبها محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن هالَهُ ما رأى وأفزعه ما رأى فذهبت به إلى ورقة فقالت يا إبن عمي إسمع من إبن أخيك إسمع ما يقول قال قل لي ما رأيت يا محمد فإذا بالنبي يُخبره ما رأى في الغار وما حصل له في الغار وهو ذاهب إلى بيت خديجة كل ما رأى بالدقة والتفاصيل فقال له ورقة أبشر يا محمد إنه “”النَّامُوسْ””يعني الْمَلَكْ الذي نزل على موسى هذا نفسه الْمَلَكْ الذي نزل على موسى نزل عليك الآن نزل على من على آخر الانبياء وسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى وآله وسلم الان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل هذه الاخبار أخبار ليست بالهينة صحيح أنه مُهَيَّأ ومُؤَهَّلٌ لهذا لكن الخبر عظيم فجأة يُقال له إنك نبي هذه الامة الامر ليس بالسهل ثم قال ورقة وقد كَبِرَ بالسن يآليتني كنت جذعا يآليتني كنت شابا إذ يخرجك قومك لنصرتك نصرا مؤزرا فتعجب النبي ماذا إذ يخرجك قومك ولِمَ يخرجوني أنا الصادق الامين أنا سيد الناس أنا إبن أسيادهم وسادتهم لِمَ يخرجوني قومي ماذا فعلت لهم فقال له ورقة يهيئه لهذا الامر قال ماجاء أحد بمثل ماجئت به وقد قرأ ورقة علم أهل الكتاب وقصص الأنبياء يعرف قال ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عُودِي { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ } كل نبي وله عدو من المجرمين من الطواغيت من الكفرة {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} من الذي ينصر الانبياء والرسل إلا الله عز وجل إي إطمئن يامحمد سينصرك الرب جل وعلا { { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} تلقى النبي الخبر هذا الذي رأيت ليس شيئا من الجن وليس رِاْياً من الشيطان وليست تهيئات ولا أحلام يا محمد إعلم أنك من اليوم نبي هذه الامة الخبر ثقيل والامانة ثقيلة والامر ليس بالهين يفاجئ الانسان ويُخْبَرُ بأنه نبي لهذ الامة وأن الذي سمعه وحي من ربه جل وعلا خديجة أرادت أن تتأكد أن هذا الامر مَلَكْ من الملائكة في يوم من الايام سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم زوجها ألى زال الذي يأتيك تراه قال نعم أرآه قالت إن رأيته فأخبرني فجاء جبريل إلى النبي وهو جالس عند خديجة قال جآئني فقالت له إجلس عن يساري جلس قال لازلت أرآه إجلس عن يميني قال لازلت أرآه إجلس بين يدي قال لازلت أرآه قالت بعد أن نزعت خمارها قالت أترآه الان قال لا والله لا أرآه قالت أبشر هذا مَلَكٌ وليس بشيطان هذا مَلَكٌ وليس بِشيطان من مثل خديجة بعقلها وحكمتها وإيمانها بدأت نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غار حيراء كعادتة يتعبد ربه عز وجل كما يحكي عن نفسه في إحدى المرات كان راجعا إلى بيته وكان يمشي في الطريق لوحده إذ سمع مُنَادٍ يُنَادِيه أن يامحمد يقول فالتفت عن يميني فلم أرى أحدا ثم إلتفت عن شمالي فلم أرى أحدا نظرت أمامي نظرت من خلفي فلم أرى أحدا سبحان الله في ذلك المكان والنبي لوحده ولا أحد معه وصوت يناديه بإسمه من هذا الذي يناديني فنظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء فوقه فإذا به يرى جبريل عليه السلام بصورته إنه جبريل الذي له سِتُ مائة جناح كل جناح منها يغطي الافق كله إنه جبريل الذي نزل على إبراهيم وموسى وعيسى وزكريآء ويحي وإسماعيل وسائر الانبياء إنه جبريل بنفسه أمين الوحي { ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى } جبريل يُوحي إلى النبي بإذن الله عز وجل ما يريده الله جل وعلا فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأول مرة أسرع إلى بيت خديجة يقول لها”” زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي”” دَثِرُونِي دَثِّرُونِي”” فأنزل الرب عز وجل{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُنتَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِر}الله جل وعلا سماه المدثر وسماه المزمل على حاله ووصفه بأبيه وأمي صلى الله عليه وآله وسلم تتابع الوحي والوحي للانبياء والرسل على طرق أرادها الرب عز وجل فما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا فالرب لايكلم البشر مباشرة إلا بطرق إما أن يوحي إليهم مثل المنام فرأيا الانبياء كلها حق أو ينفث في روعهم فيوحي بإذنه ما يشاء أو من وراء حِجاب أو يُرسِل رسولا { : وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء} كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستمتع بالوحي الذي يأتي إليه لِمَ كلام الله جل وعلا فكيف لا يتلذد به إستمر الوحي فطرة طويلة من الزمن إستمر الوحي وتتابع الوحي وحمي الوحي حتى جاء فطرة فانقطع الوحي عن رسول الله إنقطع الوحي عن رسول الله أياما وكان النبي صلى الله عليه وسلم فبداية الامر يسمع به الذين حوله بين مصدق ومكذب فجائته إمرأة تستهزئ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم تقول له أين شيطانك الذي ينزل عليك تستهزئ على من تقصد جبريل عليه السلام جبريل الذي بطرف جناحه قلب أمة من الامم جبريل الذي بصيحة واحدة صعق أمة من الامم جبريل إنه سيد الملائكة تصفه هذه المرأة فتقول أين شيطانك ما أرآه إلا قد قلاك يعني هجرك يعني تركك فانتظر النبي يوما ويومين وثلاثا وأربع ينتظر جبريل لكن جبريل عليه السلام مانزل فإذا بالنبي يُصيبه الهم عليه الصلاة والسلام أصابه الهم والغم لأن جبريل مانزل عليه كان يتلذذ بالوحي يأتيه من رب عز وجل فإذا بالقرءان ينزل يُطمئن قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقسم الرب{وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى}ماهجرك الرب عز وجل يامحمد فأنت خير البشر فأنت سيد الانبياء أنت سيد ولد آدم أنت سيد الأولين والآخرين كيف يهجرك الرب عز وجل {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}أي يا محمد سوف يُعطيك الرب عز وجل وما هجرك وما إنقطع الوحي هذه الفترة إلى لحكمة عَلِمَهَا الرب عز وجل وهكذا كان يستمتع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوحي جبريل إليه بكلام ربه عز وجل
7 _ الدعوة الى الاسلام
_________________
_________________
بعد بعثته عليه الصلاة والسلام بدأ بعرض الاسلام على أقرب الناس إليه ومن أقرب الناس إليه إنها زوجته خديجة بنت خويلد التي مكث معها ما يقارب العشرين سنة لم يرى منها أمرا يسوئه كان يحبها حبا جما أول ما عرض عليها الاسلام أسلمت دخلت في الدين مباشرة فصارت نصف الاسلام نصفه محمد صلى الله عليه وآله وسلم نصفه الآخر خديجة زوجته بل كانت لما يتعرض لما يتعرض إليه خارج بيته من أذى قريش كانت تصبره كانت تهون عليه إنها خديجة بنت خويلد تلك المرأة الشريفة النسيبة التي ضحت بأموالها من أجل هذا الدين التي ضحت بوقتها وعمرها وكل شيء تملكه من أجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما عرض عليها الاسلام دخلت فيه بل كانت تصبر النبي وتخفف عنه أذى كفار قريش كم كان النبي صلى الله عليه وسلم يرتاح مع هذه المرأة بل إنه من شدة تعلقه بخديجة رضي الله عنها ما نسيها لآخر حياته ما نسي خديجة التي أول من وقفت معه إلى آخر أيام حياته بل كانت زوجته عائشة التي تزوجها بعد هذا ومكث معها إلى أن توفي كانت تقول أن رسول الله ماكان ينسى خديجة لأنها وقفت معه وقفة ربما عجز الرجال أن يقفوا مثلها
في يوم من الايام كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالسا في بيته بيت خديجة إذ جاءه جبريل عليه السلام فقال له يا محمد ستأتيك الآن خديجة ستدخل عليك فأقرأها من ربها السلام الله جل وعلا يُقرأ السلام ويسلم على من على خديجة رضي الله عنها فهي أول من دخلت في الاسلام قال وبشرها ببيت في الجنة كيف هذا البيت قال من قصب أي من لؤلؤة مجوفة لا نصب فيه ولا وصب فلما دخلت خديجة وبشرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا وقال إن الله عز وجل يُقرأك السلام ويبشرك ببيت في الجنة أنظر كيف ردت خديجة قالت إن الله هو السلام ما قالت عليه السلام قالت هو السلام ومنه السلام ثم قالت وعلى جبريل السلام وبشرها النبي هذا البيت في الجنة نعم هي تستحق هذا فقد كان النبي يعيش في كنفها وفي حياتها ويعيش معها براحة وهدوء لم يرى منها نصبا ولا صخب ولهذا بُشرت ببيت في الجنة من كان يعيش مع النبي كان يعيش معه غلام صغير عمره عشر سنين من هو إبن عمه هو الامام علي إبن أبي طالب رضي الله عنه كان عمره عشر سنوات ولِم َيعيش معه لأن في سنة من السنوات أصابت قريش أزمة مالية فذهب النبي قبل البعثة إلى عمه العباس وقال له ياعم إنا أبا طالب كثير العيال عنده أولاد كثيرون فلو أن كل واحد منا تكفل بواحد فأخذ جعفر إبن أبي طالب أخذه عمه العباس والنبي أخذ علي إبن أبي طالب رضي الله عنه أخذ الامام علي وهو صغير سن فعاش في كنف النبي وفي رعاية النبي وبتربية النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة فلما بُعث النبي دخل الامام علي في الاسلام بلا تردد فهو أول ذكر وكان من الصبيان يدخل في الاسلام فكان يذهب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتعلم هذا الدين منه دخل في الاسلام خديجة رضي الله عنها ودخل في الاسلام أيضا الامام علي إبن طالب رضي الله عنه فأي بيت هذا أي بيت هذا أما خديجة فقد رزقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم رزقه الله جل وعلا بأولاده كلهم من خديجة كل أولاد الرسول جاءه من خديجة إلا إبراهيم فإنه رُزِقَ من مارية القبطية أما أولاده جميعا فكانوا من خديجة كيف لايحبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكل أولاده منها وهي التي ضحت بحياتها من أجله بأموالها من أجله من أجل هذا الدين الأن ليس في الاسلام إلا ثلاثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم زوجته خديجة رضي الله عنها إبن عمه صبي صغير عمره عشر سنين هؤلاء الأن في بيت واحد كلهم هم يمثلون الاسلام بِرُمَّتِهِ الاسلام ثلاثة أثلاث ثلثه خديجة وثلثه الامام علي إبن أبي طالب رضي الله عنه
بدأ الاسلام ينتشر زيد إبن حارثة مولى في بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحبه الرسول أول ما عرض عليه الاسلام دخل في دين الله جل وعلا خرج النبي إلى خارج بيته أول من بدأ به صديقه صاحبه إنه أبو بكر الصديق وما سُمِّيَ صِدِيقاً إلى لتصديقه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أول ما عرض عليه الاسلام يقول النبي كل الناس كانت لهم كبوة تردد إلا ما كان من أبي بكر رضي الله عنه مباشرة ما إن عرض النبي عليه الاسلام إلا وأسلم بغير سؤال بغير تردد ذلك لأن أبا بكر أصلا قبل الاسلام لم يسجد لصنم قط بل حتى حرم على نفسه الخمر وكان صادقا أمينا كريما كان يعرفه كفار قريش كلهم بأمانته وصدقه وعفته لم يقترب من فاحشة لم يفعل منكرا فاحشا قط بل كان يلازم النبي صلى الله عليه وسلم حياته عشرات السنين فلما عرض عليه الاسلام أسلم مباشرة وكان من أحسن الناس إسلاما ما إن أسلم أبو بكرإلا وذهب يدعوا إلى الله جل وعلا من حوله ذهب فإذا به يرجع بعثمان إبن عفان بذي النورين في ميزان من في ميزان أبي بكر ذهب وأتى بالزبير إبن العوام حواري رسول الله في ميزان من في ميزان أبي بكر ذهب وجاء بي عبد الرحمن إبن عوف ذهب وجاء بي طلحة إبن عُبَيْدِ الله ذهب وجاء بسعد إبن أبي وقاس والخمسة كلهم مبشرون بالجنة إنهم من العشرة المبشرين بالجنة من الذي دعاهم إنه سادس ستةٍ كلهم من العشرة المبشرين بالجنة كأن الله عز وجل وهو يقول { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ } منهم أبو بكر الصديق أول ما أسلم جاء بخمسة كلهم مبشرين بالجنة أي رجل هذا ما إن تكلم إلا أحسن الحديث واستمع الناس لمنطقه وأخذ الاسلام ينتشر شيئا فشيئا في مكة وسماهم الرب عز وجل السابقون الاولون من المهاجرين أولئك لهم فضل عظيم وأولئك الذين رضي الله عنهم هكذا الاسلام بدأ ينتشر في الاقرب ثم الاقرب سرا وأهل مكة لايشعرون
في بداية الاسلام شُرِعَتْ الصلاة لكن كيف تعلمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج مع جبريل سيد الانبياء مع سيد الملائكة خرج معا إلى أعلى مكة فلما كان لوحدهما ضرب جبريل بجناحه الارض فنبع ماء فقام جبريل يتوضأ والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه يتعلم كيفية الوضوء فلما توضأ جبريل توضأ رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم لأول مرة يتوضأ النبي رأى الوضوء من جبريل عليه السلام فلما توضأ قام جبريل يصلي ويصلي نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بصلاة جبريل أي كما يصلي جبريل عليه السلام فصلى الاثنان فتعلم نبينا الوضوء والصلاة ثم رجع إلى بيت خديجة وجلس عندها وأخذ يعلمها الوضوء فتوضأت مثله ويعلمها الصلاة وصلت مثله رضي الله عنها فكانت أول من تعلم الوضوء والصلاة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكن الصلاة لم تكن مثل صلاتنا اليوم كانت الصلاة كلها ركعتان لم تكن هناك صلاة ثلاثية ولم تكن هناك صلاة رباعية بل كانت الصلاوات كلها ركعتان ركعتان ثم زيدت بعد هذا في الحضر وأُقرت في السفر ركعتان ركعتان بعد أن تعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلم أصحابه الذين بدأوا بالإسلام الوضوء والصلاة بدأت الآن المواقيت متى تصلى هذه الصلاة ومتى تصلى هذه الصلاة خرج معه أيضا جبريل عليه السلام فصلى به صلاة الظهر حين مالت الشمس أي زالت نحو الغروب وهو وقت الظهيرة صلى به صلاة الظهر ثم لما صار ظل كل شيء مثله صلى به صلاة العصر فلما غربت الشمس صلى به صلاة المغرب فلما زال الشفق صلى به صلاة العشاء فلما طلع الفجر في بدايته صلى به صلاة الفجر في اليوم الثاني صلى به الظهر لما صار ظل كل شيء مثله يعني مثل ما صلى العصر في أول يوم ثم صلى العصر لما صار ظل كل شيء مثليه ثم صلى المغرب في نفس وقتها وصلى العشاء بعد أن ذهب ثلث الليل وصلى الفجر حين أسفرت السماء لكن لم تشرق الشمس ثم قال له يا محمد الصلاة ومواقيتها بين هاذين الوقتين يعني بين اليوم الاول وبين اليوم الثاني هكذا علم جبرل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء ثم علمه كيفية الصلاة ثم علمه مواقيت الصلاة كلها كما قال الله جل وعلا { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا } ليس فقط مفروضة كتابا يعني مفروضة بل فرْضُها مؤقت له بداية وله نهاية أيضا { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا } أي لها ميقات محدد هكذا بدأ الاسلام ببداية تشريع الصلاة أي تعلم الصحابة في بدايتهم كيفية الوضوء وكيفية الصلاة ومواقيت الصلاة بل كان يُحَرِّصُ الصحابة رضي الله عنهم ويقول صلوا كما رأيتموني أصلي صلوا كما رأيتموني أصلي
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يصلي خرج من مكة إلى الشعاب وبين الجبال يصلي لله جل وعلا وكان كثيرا ما يأخذ إبن عمه علي إبن طالب رضي الله عنه وكان فتى صغيرا في السن يخرجان معا يذكران الله جل وعلا ويصليان شعارهم { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ } أي أن هذه الصلاة ستعينهم على أعباء الدعوة إلى الله جل وعلا سجود وركوع وذكر وتسبيح واستغفار صلاتهم لله جل وعلا لا يراهما إلا الله جل وعلا ولا يسمعهما إلى الله جل وعلا مرة من المرات كان عم النبي أبو طالب والد علي كان يمشي خارج مكة فرأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وابنه علي يصليان فقال يا إبن أخي يخاطب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما هذا الذي تصنع ما هذا الدين الذي أنت عليه قال ياعم هذا الذي بعث الله به الانبياء والرسل وإني أدعوك إليه قال يا إبن اخي إنك تعلم أني لا أحب أن أفارق ديني ولا دين أبآئي ولا أجدادي ولكن إمضي على ما أنت فيه فوالله لن ترى ما يكرهك وما تكره أبدا ثم قال لابنه وماذا تصنع أنت يابناي قال أنا على دين محمد يأبي آمنت به وصدقته وأنا أصلي معه فقال أبو طالب لأبنه عليا قال يابني إمضي على ما أنت عليه فوالله لايدعوك إلا إلى الخير فا والله لايدعوك إلا إلى الخير وهكذا ضل النبي مع علي إبن طالب ثلاث سنوات يصليان في شعاب مكة وبين جبالها سرا لايعلم بهما أحد إلا الله عز وجل
بعد ثلاث سنوات من دعوة النبي سرا لافراد من أهل مكة بدأت مرحلة أخرى الدعوة الجهرية بقول الله جل وعلا { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } وبدأ الرب عز وجل الامر وأنذر عشيرتك الاقربين أقرب الناس إليك فندى قومه وأقربائه من بني هاشم وبني عبد المطلب إبن عبد مناف فكانوا خمسا وأربعين رجلا أعمامه بنوعمومته جلسوا معه لينذرهم عليه الصلاة والسلام لكنه قبل أن يبدأ تكلم عمه أبولهب وكان رجلا بذيئاً قال يامحمد هؤلاء أعمامك وبنو عمومتك دع عنك الصُباء ماذا يستطيع قومك لِيواجهوا العرب قاطبة ماذا يفعلون ثم قال له يا محمد ما علمت رجلا جاء بأبناء أبيه بِشَرِّ مِمَّا جئت به ثم ذمَّ النبي ذَمّاً وتكلم عليه وعلى دعوته والنبي ساكت عليه الصلاة والسلام فلما إنتهى أبولهب من حديثه ما تكلم النبي وقام وانفض المجلس ثم جمعهم مرة أخرى فتكلم قبل أن يتكلم أحد من الناس وحمد الله وأثنى عليه وَتَشَهَّدْ ثم قال ياقوم قبيلته أقربائه أعمامه بنو عمومته قال والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة لتموتن كما تنامون وَلَتُبْعَثُنَّ كَمَا تستيقظون فإما جنة أبدا وإما نار أبدا فتكلم عمه أبو طالب قال يآ إبن أخي والله ما أحد من الناس أَحَبَّ إلى ماتقول مني فامضي لِمَ أمِرْتَ بِهِ إمضي على دعوتك فوالله لنمنعنك ما بقينا ولولا أن نفسي لا تطاوعني على فراق ديني عبد المطلب لا إتبعتك يعني أنا على دين عبد المطلب لكن لنمنعنك من الناس ونمنع الناس منك فتكلم أبو لهب بعد أن تغير وجهه قال والله إنها السوأة والله إنها السوأة خذوه قبل أن يأخذ غيركم فرد عليه أبوطالب قال والله لنمنعن الناس عنه مابقينا أبداً فإذا بأبي طالب يرفع صوته على أبي لهب وأبولهب يرفع صوته على أبي طالب وانفض المجلس وعلم النبي أن عمه أبا طالب سيكون سندا له في دعوته وانطلق النبي يدعو الناس جهرا إلى الله جل وعلا
بعد أن بَلَّغَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عشيرته بدأ الان بالبلاغ العام والاعلان العام لاهل مكة يدعوهم إلى الله جل وعلا كيف يدعوهم كان عند مكة طريقة في الاعلان كان إذا أراد أحدهم أن ينادي أهل قريش ينادي بكلمات معلومة وكان يذهب إلى الصفا موطن تجمع الناس فَرَقَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم جبل الصفا صعده جبل الصفا ثم صاح في قريش وصباحاه وصباحاه كلمة نداء يامعشر قريش يامعشر قريش بدأ الناس يتلفتون من الذي ينادي إنه محمد إنه الصادق الامين إنه سيد من سادة أهل مكة يناديهم الامر فيه شيء الخطب جلل يامعشر قريش ثم بدأ يسميهم قبيلة قبيلة يا بني عبد مناف يا بني عبد المطلب يا بني هاشم يا بني فلان يا بني فلان بدأ يُناديهم قبيلة قبيلة حتى إجتمعوا عنده عند الصفا حتى أن الذي لم يستطع أن يذهب أرسل مكانه رجلا يستطلع الخبر ما الذي جرى ما الذي حدث فلما إجتمع الناس كلهم عند الصفا قال لهم عليه الصلاة والسلام لو أخبرتكم أن خيلا خلف هذا الوادي تريد أن تَغِيرَ عليكم لو أخبرتكم أن جيشا سيدخل مكة الآن يغيروا عليكم أكنتم مصدقين تصدقوني بهذا الكلام الكلام خطير قالوا ماجربنا عليك كذبا نصدقك نعم يامحمد إن قلت صدقناك فقال لهم إني نذير لكم بين يداي عذاب شديد أنا جئتكم أنذركم من عذاب جهنم ماذا تقول ثم إسترسل يامعشر قريش يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار لا أُغنِي عنكم من الله شيئا يابني زهرة أنقذي نفسك من النار لا أُغني عنكم من الله شيئا يابني عبد مناف أنقذوا انفسكم من النار لا أُغني عنكم من الله شيئا سمى قبيلة قبيلة حتى وصل إلى أعمامه يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار لا أُغني عنكم من الله شيئا وسمى عما عما يا عباس إبن عبد المطلب أنقذ نفسك من النار لا أُغني عنك من الله شيئا يا فلان يا فلان سَمَّ عما عما ثم بعدها في النهاية نظر إلى إبنته فاطمة وكانت جارية إنها أقرب الناس إليه إنها بضعة منه عليه الصلاة والسلام قال يآ فاطمة يآ فاطمة سالني من مالي ما شئت أموالي دُنْيَايْ أعطيك إيها لكن أنقذي نفسك من النار لا أُغني عنك من الله شيئا لا أُغني عنك من الله شيئا لا أُغني من الله عنك شيئا يوم القيامة مافيه أنساب يوم القيامة لن ينفع رجل رجلا لانه أباه أو إبنه يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه يآفاطمة أنقذي نفسك من النار لا أُغني عنك من الله شيئا سكت أهل مكة مذهولين مما يسمعون من تكلم عمه أبولهب قال تَبّاً لَكَ سَائِرَ اليوم ألهذا جمعتنا ألهذا جمعتنا فأنزل الرب عز وجل { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ } أي جزاءً لكلمته سيصلى ناراً ذات لهب هنا بدأ الاعلان العام وبدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصدع بالدعوة إلى الله وبصلاته أمام الناس وبجهره بالدعوة لايخاف في الله لومة لائم منهجه قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين
لما بدأت تنتشر دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن صدع بالحق بعد ان بدأ يُظْهِرُ هذا الدين وبدأ ينتشر في مكة تضايق كفار قريش لكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا والسبب أن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبو طالب كان حاجزا منيعا بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين المشركين فلم يستطيعوا أن يمسوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسوء أبدا فهو الحصن المنيع لرسول الله أبوطالب كان يدفعوا المشركين مع أنه لم يكن قد أسلم مع أنه لم يكن قد دخل في الاسلام إلا أن هذا هو إبن أخيه فلم يدع أحدا أن يمسه بسوء هنا تضايق كفار قريش وأرسلوا وفدا إلى أبي طالب فقالوا يآ أبا طالب إن إبن أخيك سَبَّ ءالهتنا وعاب ديننا وسفهّ أحلامنا وضلل أبآئنا فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه فنكفيكه فرد عليهم ردا جميلا ورفيقا ورجعوا ثم جأوه مرة أخرى فقالوا يآ أبا طالب لقد جئناك وطلبنا منك أن تنهى إبن أخيك فلم تفعل فإنه قد رأيت ما يفعل بنا وبألهتنا وبديننا وبأبآئنا فيآ أبا طالب إما أن تكفيه عنا وإما أن نعاديك معه والحرب بيننا إما ان نموت أو تموتوا فإذا بأبي طالب ذاق ذرعا بما قالوا وبما فعلوا فنادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا بإبن أخيه يجلس عنده قال يآ إبن أخي إن أهل قريش قد جاؤني وقالوا لي كذا وكذا أخبره بما قالوا له وإنني لا أريد أن أُظهر العداوة بيني وبينهم وأفرق بيني وبينهم فعلم النبي أن أبا طالب يطلب منه عمه أن يتوقف أو يتنازل فقال عليه الصلاة والسلام قال ياعم كما يُرْوَى لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الامر أو أُهلك دونه والله ما تركته لويعطوني الشمس والقمر ليس فقط يطلبوا مني طلبا لو أوصلوا إلي هذه النجوم وهذه الاقمار والشمس بنفسها على أن أتنازل عن شيء من هذا الدين والله مافعلت أو أموت دونه ثم وَلَّى النبي وعيناه تدمعان عليه الصلاة والسلام بكى النبي ومشى فناداه أبوا طالب مرة أخرى قال يآ إبن أخي تعال فجآءه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إفعل وقل ما تحب فوالله لن يمسك أحد بسوء فوالله لن يمسك أحد بسوء هنا إستبشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومضى يُبلغ دين الله جل وعلا الله جل وعلا يُرسل له من يحميه ومن يعز دينه ومن ينصره ومن يقف بينه حاجزا وبين المشركين ومضى النبي يبلغ دين الله جل وعلا ودعوته لا يبالي بذلك بكيدهم ولا بمكرهم ولا بأذاهم أبو طالب لم يكن أسلم لكنه كان حِصْناً مَنِيعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم
8 _ تآمر المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
_______________________________________
_______________________________________
قريش بدأت تخاف من دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعوته الجَهرية بدأت تنتشر وبدأت تُأتي ثِمارها المُصِيبة الكبرى بالنسبة لقريش أن الناس سَيُقبِلُونَ للحج بعد أيام فإذا قدِمُوا إلى الحج سَمِعوا من النبي دعوته وربما تأثروا به ماذا يصنعون وماذا يفعلون نادَواْ رجلا عندهم إسمه “”الْوَلِيدْ إبْنُ الْمُغِيرَةَ”” قالوا ياوليد سمعت ما فعل محمد بِنا ورأيت ماذا فعل بالأخ وأخيه والإبن وأبيه قل فيه قولا تسمعه عنك العرب وتنقله عنك قال قولوا وأسمع منكم أخبروني رأيكم أولاً قالوا ما رأيك نقول بأن ما يفعله كهانة بأنه كاهن قال أعرف الكهانة والكُهَان أعرف زمزمة الكاهن وَسَجَعَهُ والله إنه ليس بكاهن قولوا قولا غيره قالوا نقول مجنون قال والله ليس بجنون أعرف الجنون وخنقه ووسوسته ليس ما يفعله جنونا قالوا نقول شعرا قال أعرف الشعر هَزْجَهُ وَرَزْجَهُ ومقبوظه ومبسوطه والله مايقوله ليس بالشعر قالوا نقول ساحر قال أعرف السُّحَارَة والسحر نفسهم وعقدهم والله إن ما يفعله ليس بالسحر قالوا ما تقول أنت ياوليد ماتقول أنت بقول محمد قال والله سمعت كلامه قالوا هيه وماذا تقول قال والله إن فيه لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمُغذِقْ وإن أعلاه لمُثمِر وإنه يعلوا ولا يُعلا عليه وإنه لَيَحْطِمُ مَاتَحْتَهُ قالوا ياوليد ماذا تقول وكان رجلا مُشركا لكنه لما سمع القرءان عجب منه لأنه عربي فَصِيحٌ يعرف لغة العرب ويعرف كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فيه هذا القول قالوا ياوليد قل فيه قولا غيره يعني أي شيء خلاص ولو كان كذبا ولو لم يكن حقيقة أخذ يفكر ويُقَدِّرْ وينظر وَيَبْصُرْ ويَعْبَثْ ثم إلتفت قالوا ياوليد قل فيه قولا ثم رجع إليهم فقال قال قولوا سحر يعني إكذبوا وقولوا سحر وهو يعلم أنه ليس بالسحر قال قولوا للناس أنه سحر فرَّقَ بين الابن وأبيه والاخ وأخيه والرجل وزوجته والمرء وعشيرته فأنزل الرب عز وجل فيه {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا } يعني الوليد إبن المغيرة { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا } والرب عز وجل الآن يصف الوليد إبن المُغِيرة وهو يتكلم ويفكر بما يتهم نبينا صلى الله عليه وآله وسلم {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} قال الرب عز وحل في الوليد{ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُلَا تُبْقِي وَلَاتَذَرُ } فإذا بكفار قريش يُصدقون الامر ويأخذون هذه التهمة وينشرونها بين الناس والوفود قدمت إلى الحج والنبي يقدم إلى خيامهم أبو بكر معه يفتح خيمة خيمة يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا من يُأويني أبَلِّغ دعوة ربي فإن قريشا منعتني أبَلِّغُ دعوة ربي وخلفه أبولهب يقول ما عليكم منه إنه إبن أخي إنه مجنون فنشرت قريش في الناس أن هذا الرجل ساحر يفرق بين الاب وإبنه والأخ وأخيه تُهمة إتهموا بها نبينا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لكن أنَّ لهم أن يغلبوا بٍتُهْمَتِهِمْ هَذِه
بينما كان المشركون جُولوساً عند الكعبة يتكلمون في النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال قائلهم ما رأينا مثل صبرنا على محمد سَبَّ دِينَنَا وشتم آلهتنا وسفه أحلامنا وصبرنا عليه بين هم يتكلمون عليه إذ طلع عليهم عليه الصلاة والسلام واتجه إلى الركن فاستلمه عند الكعبة ركن الكعبة الحجر ثم بدأ بالطواف لا يُبَالِي بأصنامهم ولا يُبالي بهم بأبيه وأمي عليه الصلاة والسلام كان يعتز بدينه وبإسلامه ولا يُبالي بالناس فلما طاف الشوط الاول ومر عليهم غمزوه سبوه وتكلموا عليه ولم يرد عليهم تغير وجهه عليه الصلاة والسلام فلما جاء الشوط الثاني الطواف الثاني فإذا بهم يغمزونه ويتكلمون عليه ولم يرد عليهم فلما جاء الشوط الثالث غمزوه وسبوه فتوجه نحوهم وهم يسبونه ويشتمونه فلما إقترب منهم سكتوا قال تسمعون معشر قريش تسمعون والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح لقد جئتكم بالذبح سيأتي يوم بينا وبينكم قتال في سبيل الله جهاد في سبيل الله يقول الراوي رأيت أشدهم عليه وصاة يعني سبا وشتما كأن على رؤوسهم الطير سكنوا وجمودا خوفا وفزعا حتى قال قائلهم إنصرف أبا القاسم راشدا فاولله ماكنت جهولا فاولله ماكنت جهولا في اليوم الثاني تداعواْ مرة أخرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فإذا بهم يتكلمون ويحرض بعضهم بعضا على رسول الله فرأوا النبي عند الكعبة يمشي فقام أشقى القوم ومسك بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ فلفه على رقبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم خنقه خنق من أشرف الخلق خنق من خليل الله خنق من الرحمة التي أرسلها الله للعالمين خنقه حتى كاد أن يموت عليه الصلاة والسلام من رَأهُم أبوبكر الصديق أسرع إليه فدفع الرجل ضربه ودفعه عن رسول الله أنقذ النبي ثم قال أبوبكر{ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } فترك الناس المشركون رسول الله ثم إندفعوا إلى أبي بكر يضربونه حتى سقط أبو بكرعلى الارض صريعا والدم يسيل منه وظن الناس أن أبا بكر مات فَحُمِلَ أبو بكر الى بيته وفي الليل وجد أمه ولم تكن أسلمت قالت يابُنَيَ كل شيئا قال والله لا أذوق طعاما يأمي حتى أرى رسول الله فاحْتُمِل أبو بكر في آخر الليل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيته وفي دار الأرقم فلما دخل إنكب أبوبكر على رسول الله يُقبِّلُه ويبكي هكذا أوذِيَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا عنه ساحر قالوا عنه مجنون قالوا عنه كاهن والرب عز وجل يقول {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ } يُستهزأ عليه ويُسَبُّ ويُضرب ويُشتم كل شيء فعلوه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع هذا كان صابرا كان ثابتا يتحمل كل الصِّعَاب في يوم من الايام خرج من بيته إلى الكعبة فزداد السب والشتم والاذى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فازداد الهم وازداد الضيق في صدره فذهب إلى البيت دخل إلى بيته عليه الصلاة والسلام ثم تَدَثَّرَ بِرِدَائِهِ تغطى عليه الصلاة والسلام فأنزل الرب عز وجل له { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} أي المتغطي بردائه المتغطي بثوب المتغطي بِلِحَاف قُمْ ولا تنام ولا تسكن ولا تثتر { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } لِمَ افعل هذا { وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } إصبر يآ محمد فقط لله عز وجل إصبر وما صبرك إلا بالله ولاتحزن عليهم ولاتكن في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين إتقوا والذين هم محسنون إستمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدعوته لا يُبالي ولا يهتم بأذآهُم يسبونه ويشتمونه حتى أعينهم: وإن يَكَاُد الذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ :حتى العين ماسَلِمَ منها عليه الصلاة والسلام من أعينهم لكن الرب عز وجل كَافِيهِ وَحَافِظُهُ
لما بدأ الاسلام ينتشر في مكة ويقوى شيئا فشيئا قال سيد من سادتها وهو” أبو الوليد عُتبة إبن ربيعة” قال لقومه قد رأيتم ما صنع محمد فيكم فإن رأيتم أن أعرض عليه عرضا قالوا إذهب يآ أبا الوليد فجاء إلى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فقال له يآ إبن أخي قد رأيت ما صنعت في قومك فرقت بين جماعتهم سَبَبْتَ آلهتهم ودينهم وكفَّرت آباءهم وفعلت ما فعلت فإن رأيت أن أعرض عليك عرضا قال قل يآ أبا الوليد فتكلم عُتبة إبن ربيعة وقال يا محمد إن كان الذي جئت به تريد به مالا جمعنا لك من أموالنا فصرت أكثرنا مالا وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا فلا نقطع أمرا دونك وإن كان الذي تريد ملكا ملكناك علينا وأخذ يعرض على رسولنا صلى الله عليه وسلم فلما إنتهى قال فرغت يآ أبا الوليد قال نعم قال أقول قال قل يآ إبن أخي فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقط بالقرءان لم يرد عليه بأي كلام بل بكتاب الله قال {بسم الله الرحمن الرحيم” حم~ تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحمنِ الرّحِيمِ كِتابٌ فُصّلَت ءَايَاتُهُ قُرءَاناً عَرَبِيّاً لِّقَومٍ يَعلَمُونَ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعرَضَ أَكثَرُهُم فَهُم لَا يَسمَعُونَ } واسترسل النبي بالقراءة وعتبة يسمع فقط يتأثر بالكلام فهو عربي يفهم معنى الكلام حتى وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ءاية { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } هنا فزع أبو الوليد عتبة إبن ربيعة فقال يآ محمد أنْشُدُكَ اللهَ وَالرَّحِمْ أنْ تَقِفْ حَسْبُكَ حَسْبُكَ يَآ محمد قِفْ خاف أن يستكمل النبي الكلام وهو يعرف ما معنى صاعقة صاعقة عاد وثمود يعرفها عتبة قال أنشدك الله والرحم أن تسكت ثم خرج فرآه كفار قريش وقالوا لقد خرج إليكم عُتبة بغير الوجه الذي دخل به على محمد ثم ذهبوا إليه فقالوا له ما بالك يآ أبا الوليد قال والله ليس كلامه بكلام شعر ولا سحر ولا كِهانة يآ قوم إسمعوا مني ما أقول لكم خلوا بينه وبين العرب خلوا بينه وبين العرب فإن غلبته العرب وأصابته كَفَتْكُمْ العرب وإن غلب عليهم كان عِزُّهُ عِزُّكُمْ وَمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ فذهب الناس وَوَلّواْ وهم يقولون سُحِرعُتبة سَحَرَهُ مُحَمَّد سَحَرَهُ مُحَمَّد
في ليلة من ليالي مكة إجتمع سادة قريش في ظهر الكعبة. عتبة إبن ربيعة.شيبة إبن ربيعة.النظر إبن الحارث.أبو جهل.أبو البُختري إبن هشام.أبوسفيان.العاص إبن وائل.وغيرهم من سادة قريش فقالوا لو أن كَلَّمْنَا محمدا لعله يقف عما يفعل وما يقول فنادوا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فجلس بينهم في تلك الليلة في ظهر الكعبة فقال ما عندكم قالوا يآ محمد قد رأيت ما صنعت بنا وبقومنا فرقت جمعنا وسَبَبْتَ ءالهتنا وشتمت ديننا وآبآئنا لا نعلم أحدا من الناس فعل بقومه كما فعلت بنا فلو أنك أردت مالا أو مُلكا أو إمرأة أو ما تريد من الدنيا أعطيناك فرد عليهم عليه الصلاة والسلام وقال ماعلى هذا بُعثت إنما بعثني الله عز وجل برسالاته فأنا لكم ناصح أمين أدعوكم لِما ترون فإن قبلتم فهذا حظكم في الدنيا والآخرة وإلا فإنني سأصبر حتى يحكم الله بيننا قالوا فإن كان ما تريد وأسررت على دعوتك هذه فإنك ترى مكة قد أحيطت بالجبال فادعوا ربك أن يُزيل هذه الجبال وأن يجعل لنا أنهارا كأنهار الشام والعراق لعلنا نأخذ منها خيرا ومتاعاً في هذه الدنيا فرد عليهم عليه الصلاة والسلام قال لم أٌبعث لهذا إنما بُعثت برسالة ربي وأنا لكم ناصح أمين { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا أَ} ثم قالوا له يآ محمد نرآك تمشي بيننا في الاسواق وتعمل كما نعمل ليس لك فضل علينا لو كنت نبيا كما تزعم لِمَ لا يجعل الرب لك جناتٍ وخيراتٍ بدل عملك مثلنا { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً} قال يآ قوم والله ما على هذا بُعثت إنما بُعثت برسالة ربي وأنا لكم ناصِح أمين فإن قبلتم وإلا فسأصبر حتى يحكم الله بيننا قالوا فإن آبيت يآ محمد فأنظر إلى السماء أنزل علينا عذابا من السماء كِسفا قِطعا من السماء فيها عذاب أو لِنَرَى ربنا كما تزعم أو الملائكة {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً } قال أما هذه فليست لي هذه إلى الله عز وجل إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل أنظروا إلى صبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قومه على سادة قريش وهم يُعَجِّزُونَهُ وهو يتحملهم عليه الصلاة والسلام ثم إسترسلوا بطلباتهم قالوا له يآ محمد نريد أن يكون لك بيت من ذهب أو ما رأيك أن تصعد إلى السماء حتى لو صعدت إلى السماء وفُتح لك طريق لن نؤمن حتى ترجع من السماء بكتاب نقرأه { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء } ينفتح لك طريق ونرآك تصعد إلى السماء { وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ } رد عليهم الصلاة والسلام وهم جلوس قال لهم سبحان الله إنما أنا بشر {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً} ثم تركهم وانصرف عنهم عليه الصلاة والسلام بعد أن بَلَّغَهُمْ حُجَّةَ رَبِّهِ جل وعلا
كلما تحدى المشركون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جآءهم بما يُريدون بل هزمهم عليه الصلاة والسلام بِحُجَّتِه ومنطقه أوذي وعُذِّب لكنه كان يستعين بقيام الليل في الصبر عليهم والله عز وجل أنزل عليه {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً } أي أنهم يستبعدون أن تقوم الساعة ويُسألون ويُبعثون لكن الساعة قريب فاصبر يآ محمد لما رأى المشركون أنهم لن يستطيعوا على محمد صلى الله عليه وسلم فكلما طلبوا منه طلبا أفْحَمَهُمْ بِحُجَّتِهِ نزل القرءان يرد عليهم قالوا ليست لنا حيلة إلا أن نذهب إلى أحبار اليهود في المدينة وأي شأن لاحبار اليهود هناك قالوا نسألهم نستعين بهم على محمد وأصحابه الله أكبر منذ متى يا كفار قريش تستعينون بأحبار يهود وأي علاقة بينكم وبينهم حتى تستعينوا بهم على محمد الذي كنتم تُسَمُّونَهُ الصادق الأمين وهو سيد من سادتكم فأرسل كفار قريش”” النظرة إبن الحارث وعقبة إبن أبي مُعَيْضْ “”إلى أحبار اليهود خرجوا من مكة توجهوا إلى المدينة ليسألوا أحبار اليهود ماذا نصنع بهذا الرجل وما حقيقته فلما ذهبوا إلى أحبار اليهود وجلسوا معهم قالوا ماذا تريدون قالوا نسألكم عن رجل بيننا يزعم أنه نبي إسمه محمد إبن عبد الله واليهود يعلمون أن هذا هو زمان النبي بل عندهم أوصافه في توراتهم وفي كتبهم يعرفونه أكثر مما يعرفون أبنائهم لكنهم حسدا وغيضا ألم يخرج محمد بينهم قالوا للنظر إبن الحارث وعقبة إبن أبي معيض سالوا هذا الرجل ثلاثة أسئلة فإن أجابكم فهو نبي أرادوا تعجيزه وإن لم يجبكم فهو يَتَقَوَّلْ إفعلوا به ما تشاؤون قالوا وما هذه الثلاثة الاسئلة قالوا السؤال الاول إسألوه عن” فِتْيَةٍ فِي الدَّهْرِ غَابُواْ أمْرُهُمْ عَجَبْ ” فقط هذا السؤال فِتْيَةٌ غابوا في الدهر وأمرهم عجب أي فتنة وأي فتية هؤلاء السؤال الثاني قالوا سالوه عن رجل ” طَوَّاف ” في مشارق الارض ومغاربها من هذا الرجل الطواف والسؤال الثالث قالوا سالوه عن ” الروح ” ماهي ما هذه الروح إن أجابكم على هذه الاسئلة الثلاث فهو نبي وإلا هو رجل يَتَقَوَّلُ عليكم فافعلوا به ماشئتم أخذ الاسئلة النظر وعقبة وعادا إلى مكة بها
جاء الكفار يسألون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الاسئلة الثلاث عن الفتية الذين غابوا في الدهر وأمرهم العجب وعن الرجل الطواف في الارض في مشارق الارض ومغاربها وعن الروح فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأجيبكم غدا فذهب ولم ينزل الوحي جاؤوه في الغد قالوا أين الاجابات قال أجيبكم غدا فلم ينزل الوحي خمس عشرة يوما وهو يقول لهم أجيبكم غدا ولم يأتي وحي يجيبه على هذه الاسئلة حتى بدأ الكفار يشككون الناس أنظروا كيف أعجزنا محمدا عن الاجابة والرب عز وجل أراد أن يعلم نبيه أنه إذا قال غدا أن يقول إن شاء الله لكنه نسي فجاءه جبريل عليه السلام بعد خمس عشرة يوما وقال له أين إجابات هذه الاسئلة لِمَا تأخرت قال جبريل ::وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بينا أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسياَ:: ثم قال له ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله أي قل إن شاء الله يأتيك الجواب من عند الله جل وعلا أما الاسئلة الثلاث فأنزل الله إجابتها أما الفتية الذين غابوا { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} ونزلت سورة الكهف تجيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الفتية الذين غابوا في الدهر أما عن الرجل الطواف قال الله جل وعلا { وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا } ثم قص عليهم قصة ذي القرنين قالوا له وأما الروح فأجابهم { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } بهذه الاجابات الثلاث أُلجِمَ الكفار هذه الاجابات بدأ القرءان كلما سأل الناس سؤالا أو أثاروا شبهة القرءان يجيبهم بل إن أبا جهل لما سمع قول الله عز وجل “”عليها تسعة عشر”” أي على النار تسعة عشر من الملائكة الزبانية أخذ يستهزء ويسخر قال عشرة عليكم والباقي علي أنا فأنزل الرب عز وجل { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً } الامر ليس كما يتصور إنهم زبانية إنهم ملائكة جهنم {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} كلما أثاروا شُبهة نزل القرءان يُجِيبُهُمْ بل إن رجل إسمه “النظر إبن الحارث “كانت عنده مغنية قانية كلما رأى إنسان يدعوه النبي للاسلام أرسل مغنيته إليه تطربه وتلهيه عن القرءان { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ } بل أكثر من هذا كانوا إذا سمعوا النبي يقرأ القرءان أخذوا يصرخون ويتكلمون حتى يُشوشوا على الناس سِماع القرءان يعرفون أثار القرءان في الناس { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } ما تركوا شيئا إلا وأثاروا شُبهة وما سألوا سؤالا أو أثاروا شبهة إلا وينزل القرءان يُفحِمَهُم حتى رأوا النبي يمشي في الاسواق ويأكل الطعام قالوا كيف يكون نبيا ويمشي في السوق كيف يكون نبيا ويأكل الطعام { وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ } الله أكبر حتى الاكل لا تريدون منه أن يأكل حتى المشي في الاسواق أنكرتموه عليه لكن القرءان كان للمشركين بالمرصاد{ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً
9 _ بداية الجهر بالقرءان
__________________
__________________
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الوحيد الذي يجهر بالقرءان أمام الناس وأمام المشركين ومع هذا كان يُأذى ويُعذب عليه الصلاة والسلام أما أصحابه فلم يكونوا قد تجرأوا على الجهر بالقرءان أمام المشركين إذا كانت الشهادتان فقط تسبب الاذى والتعذيب فكيف بالقرءان فكيف بكلام الله جل وعلا وذات يوم كان أصحاب النبي جلوسا يتحدث بعضهم إلى بعض فقال أحدهم من يتجرأُ منا ويجهر بالقرءان لِيُسمعه قريشا فإنهم ماسمعوه منا من واحد يقوم منا ويتكلم بالقرءان أمام قريش ليسمعوه من أحد أصحاب النبي فما قال أحد هذا الكلام وما تجرأ أحد إلا عبد الله إبن مسعود قال أنا أقرأ القرءان أمامهم وكان عبد الله إبن مسعود رجلا ضعيف الجسم ضعيف البنية له ساقان دقيقتان ضعيفتان قال أنا أقوم فأقرأالقرءان أمامهم فقال أصحابه لا لو أحدا غيرك يا عبد الله نريد رجلا تمنعه عشيرته وقبيلته منهم قال أنا أقوم وسيمنعني الله عز وجل قوة إيمان القضية ليست بالجسد بل بالايمان قام عبد الله أبن مسعود فذهب إلى المقام وإذا به يجهر بالقرءان وانظروا بأي سورة قرأ { بسم الله الرحمن الرحيم.الرحمان. }سمع كفار قريش من تجرأ وقرأ القرءان ما هذا الصوت من أين يأتي فإذا بهم يتجمعون على عبد الله إبن مسعود يستنكرون قرائته { الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ } أخذوا يضربونه ليمنعوه من القراءة يضربون عبد الله إبن مسعود وعبد الله مُصر على قرائته لا يبالي { الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ } يُضرب عبد الله ولكنه يستمر بقرءاة القرءان يضرب ضربا شديدا والدم ينزف منه ما تركوا حجرا ما تركوا نعلا ما تركوا شيئا إلا وضربوه به وهو ذو بنية ضعيفة لكنه قوي الايمان يجتهد بالقراءة ويرفع الصوت يريدون إسكاته لا يستطيعون {عَلَّمَ القُرْآنَ خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ } إذا به يقرأ ويسترسل حتى سقط على الارض ولا يعرف وجهه من قفاه من كثرة الدماء سالت الدماء من جسده وفي اليوم الثاني قالوا له ياعبد الله أرأيت ما حظرناك منه قال والله ليسوا بأهون منهم البارحة منهم اليوم اليوم أهونهم عندي من البارحة ولو شئتم لخرجت في اليوم الثاني وجهرت بالقرءان مرة أخرى فمنعوه وقالوا لا ياعبد الله كُف عن صنيعك فقد أسمعتهم كتاب الله إنه عبد الله إبن مسعود ساقاه قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهما ساقا عبدالله إبن مسعود أثقل في الميزان من جبل أحد هكذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
بالرغم من أن المشركين كانوا يعذبون كل من يقرأ القرءان كل من يتلو كتاب الله جل وعلا بالرغم من أنهم كانوا لا يدعون أحدا يستمع القرءان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مع هذا إلا أنهم كانوا يحبون الاستماع إليه كيف هذا " أبوجهل إبن هشام " أبوسفيان إبن حرب " الاخنث إبن شريق من أعداء رسول الله ومن كبار المشركين كان كل واحد منهم إذا حل الليل ذهب متسللا لوحده إلى مكان قريب من بيت النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد منهم يدري عن الاخر إنه كلام الله نفوسهم تشدهم للاستماع إليه { لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ } ليس على بشر جماد على جبل أصم ماذا يقول الرب عز وجل { لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} أبوجهل يستمع لوحده أبوسفيان يستمع لوحده الاخنث يستمع لوحده في الطريق وهم قافلون عائدون قبيل الفجر إلى بيوتهم يلتقي الثلاثة في طريق واحد وَيْحَكُمْ ماذا تصنعون لو رآكم سفهائكم لاوقعتم في نفوسهم شيئ الا تعوذ لهذا يتفقون على ألا يعود في الليلة الثانية كل واحد يذهب للاستماع لقراءة القرءان أبوجهل وأبوسفيان والاخنث كل منهم يستمعون لكن للاسف قلوبهم ما تدبرت كأن القلوب عليه قُفل { أَفَلآ يَتَدَبَرُونَ اَلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىَ قُلُوُبٍ أَقْفَاَلهَاَ } في الليلة الثانية لما يقبل الفجر يعودون إلى بيوتهم فيصادف كل منهم الاخر وَيْحَكُمْ ماذا تصنعون لا تعودوا لمثل هذا في الليلة الثالثة يفعلون مثل صَنِيعِهِمْ لكن يتعاهدون على ألا يعود مرة أخرى كانوا يعلمون في قرارةِ أنفسهم أن هذا كلام الله وأن هذا رسول الله لكنه الكبر لكنه العِنادْ { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } هكذا كانوا يفعلون مع الناس لكنهم إذا خلا الليل يحبون إستماع كتاب الله جل وعلا
وبدأت مرحلة جديدة بين المؤمنين وبين والمشركين كل من كان عنده من قبيلته رجل آمن مستضعف بدأوا بتعذبيه بدأت الان مرحلة التعذيب القاسية. جلدٌ تجويعٌ ضربٌ سحلٌ حتى أن الواحد منهم كان يوضع في الرمضاء جائع يقتله الجوع والعطش لا يبالون يجلد الناس جلدا ولا يبالون بل كان بلال رضي الله عنه ويملكه أمية إبن خلف كان يأمر الصبيان فيضع حبلا حول رقبته رقبة من بلال رضي الله عنه ما أراد منهم شيئا أراد فقط أن يؤمن بربه جل وعلا ويوحده فكان يضعون حبلا حول رقبته ويجره الصبيان حول جبال مكة وبين جبالها حتى أن الحبل يؤثر برقبته يجوعه ويعطشه أمية ثم يضعه على الارض الحارة في الصيف الحار ثم يضع صخرة على صدره يكاد يموت وهو يقول أحد أحد أحد أحد بل إن أمية إبن خلف يقول له يا بلال ل اأزال بك هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتؤمن بالآت والعزى فيقول بلال والله لو أعلم كلمة أخرى أغيض لكم منها لقلتها أحد أحد أحد أحد { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } شاب صغير إسمه .خباب إبن الارت. مولاته أمرت به فضرب ضربا شديدا كان حدادا وكانت تضع له الجمر الجمر الحار النار ثم يُأتى به فينزع الرداء عن ظهره ثم يوضع ظهره على الجمر الحار حتى أن شحم ظهره لما ذاب أطفأ النار أي نار هذه الذي أُحْرق بها خباب من مثل خباب في ذلك الزمان ماصده عن دينه شيء أبدا كان يعذب وكان يحرق ومع هذا كان يصبر في سبيل الله جل وعلا هكذا كانوا يتعذبون خباب من شدة التعذيب ولم يتجاوز الثامنة عشر من العمر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الكعبة متوسدا فقال يارسول الله ألا تدعو لنا ألا تستنصر لنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد غضب إنه كان فِمَنْ كان قبلكم يُأتى بالرجل فتحفر له الحفرة ويُأتى بمنشار الحديد على مفرق رأسه يفرق فِرْقتيْن ويُأتى بأمشاط الحديد فيُمشط بين لحمه وعظمه لا يرده ذلك عن دينه شيئا لكنكم قوم تستعجلون { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } تعذيب ضرب جلد {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } عمار إبن ياسر أبوه ياسر أمه سمية الاسرة كلها وأمه إمرأة كبيرة عجوز كانوا يعذبون عذابا شديدا حتى أن عمار ينظر إلى أمه تضرب وإلى أبيه يجلد وهو معهما ومع هذا لارحمة لهم يمر عليهم أبو جهل فيقول لجالدهم إضرب وزد عليهم ضربا ويمر النبي يصبر هذه الاسرة أي أسرة هذه كلها تعذب في سبيل الله يقول النبي لهم صبرا آل ياسر صبرا فإن موعدكم الجنة { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا } جنة وحرير جزاءً لِمَ لصبرهم على أي شيء صبرهم على هذا العذاب بل إن أبا جهل والاعياذ بالله أخذ حربة فضرب بها قُبُل من أم عمار حتى ماتت أما أبوه فقد مات من شدة التعذيب أبو عمار ياسر مات أبوه وماتت أمه فزدادوا على عمار ضربا يريدون ذبحه وقتله حتى لم يصبر عمار فإذا به رضي الله عنه يقول ما أرادوا في رسول الله فإذا به يبكي إلى رسول الله يذهب بكى عند الرسول قال يارسول الله يارسول الله لم أصبر فتكلمت فيك وقلت كذا وكذا فأنزل الرب عز وجل { إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } أي إلا من قال كلمة الكفر مضطرا لكن قلبه مؤمن ومطمئن بالايمان لاحرج عليه فقال النبي لعمار إن عادوا فعد إن عادوا فعد هذا يضرب وهذا يجلد صهيب الرومي ضربوه ضربا حتى أغمي عليه فكان يقول كلاما لايدري ماذا يقول ولا يعي ماذا يقول هذا صهيب الرومي رجل كان كريما عزيزا بين مكة لكنه لما آمن عذب عذابا شديدا يعذب هذا ويضرب هذا حتى مصعب إبن عمير ما سلم منهم مصعب كان أترف أهل مكة وكان يأكل أفضل الطعام ويلبس أحسن اللباس وكان أترف شباب مكة لما أسلم أمه اخذت منه كل أمواله بل طردته من البيت وصار رجلا فقيرا لايدري كيف يأكل وماذا يلبس { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُوا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } يقول إبن عباس عن الذين تعذبوا قال كانوا يعذبون حتى إن أحدهم لايستطيع أن يستوي جالسا من شدة الالم بل من شدة الضرب والتعذيب كانوا يقولون لاحدهم ألآت والعزى إلهك من دون الله فكان يقول ألآت والعزى إلهي من دون الله وقلبه مطمئن بالايمان حتى أن الجُعل حيوان حشرة تمر على الارض يقولون له هذا الجعل إلهك من دون الله فكانوا يقولون الجعل إلهي من دون الله بشدة التعذيب ومن شدة الضرب هكذا كان يُعذب أصحاب النبي لِمَ { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } هذه مرحلة من أصعب مراحل الاسلام أراد الربان يصفي المؤمنين ويستخرج منهم أفضلهم.
أبو بكر الصديق وهو يرى أصحاب النبي يتعذبون يُجرون في الرمضاء يُضربون ويُجلدون لم يسكت ولم يقعد بل ذهب إلى أمواله وأخذ ينفقها في سبيل الله عز وجل أخذ يشتري فلان ويعتقه لوجه الله وفلانة ويعتقها لوجه الله جاء إلى عامر إبن فُهيرة وهو أحد الذين شهدوا بدرا ومن السابقين في الاسلام فاشتراه بحر ماله وأعتقه لوجه الله جاء إلا أمرأة إسمها زِنِيرَة إمرأة كبيرة كانت تعذب لانها أسلمت ودخلت في الدين فاشتراها بأمواله واعتقها لوجه الله جل وعلا وكانت هناك إمرأة من قريش إمرأة كافرة حبست عندها إمرأتين النهدية وإبنتها كانتا جاريتان عندها تعذبهما وتكلفهما أكثر من طاقتهما وأقسمت ألا تعتقهما أبدا لانهما أسلمتا فجاء أبو بكر واشتراهما بأمواله واعتقهما مباشرة لوجه الله جل وعلا رأى بلال يعذبه من أمية إبن خلف عذابا شديدا يجره في الرمضاء ويضربه قال أشتريه منك فأبى ان يبيعه إليه فرفع ماله ورفع ثمنه حتى أعطاه إياه بثمن غالٍ حتى قال أبو بكر والله لو لم يبعني بلالا إلا بوزنه ذهبا لشتريته فاشتراه أبوبكر وأعتقه لوجه الله جل وعلا فجاء والد أبي بكر ولم يكن أسلم في ذلك الوقت قال يآ أبا بكريآ أبا بكر ماذا تصنع لِمَ تشتري الضعفاء من الناس لو أنك إشتريت رجالا أقوياء منعوك من الناس وكانوا حماية لك قال يأبي أنا لا أفعل الامر لاجل هذا قال إذن لمَ تفعل هذا يآ أبا بكر قال أنا أفعله فقط لله جل وعلا أنفق أموالي لله جل وعلا فأنزل الرب فيه { وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى } لِمَ يآ أبا بكر { إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى } سوف ترضى يآ أبا بكر سوف يرضيك الرب عز وجل جزاءً بصنيعك هذا يشتري الضعفاء والفقراء والمساكين ويعتقهم لله جل وعلا لا يريد منهم جزاء ولا شكورا هذا صنيع وفعل أبي بكر في بداية الاسلام
إشتد الاذى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان الاذى شديدا ومن أقرب الناس إليه عمه أبولهب لم يسلم منه النبي صلى اله عليه وسلم فأنزل الله { تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ } وكانت لأبي لهب زوجة خبيثة طليقة اللسان إمرأة فاسدة كانت تضع الشوك والحطب على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعند باب بيته فلما سمعت أن الله عز وجل أنزل في زوجها ءايات تضنه هجاءً جاءت إلى الصحابة وهم جلوسا والنبي بينهم صلى الله عليه وسلم وكانت تحمل حجرا كبيرا فسألت الصحابة والنبي جالس أين مُذَمَم تسميه مذمما قالوا لها وما تُردين فيه قالت سمعت أنه هجئ زوجي يعني أبا لهب والنبي أمامها وأعمى الله عز وجل بصرها عنه قالوا لها وما تُردين فيه قالت لإن رأيته لأضربنه بهذا الحجر فأنزل الرب عز وجل {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا } يعني في رقبتها تُجر في جهنم بحبل من صوف من مسد { وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَد إشتد الاذى على رسول الله وعلى أصحابه من جميع المشركين يوم من الايام كان جالسا عند الكعبة يصلي عليه الصلاة والسلام كان يصلي فرآهُ المشركون "عقبة "وشيبة "وعتبة "وأبوجهل" وغيرهم من صنادد الكفر فقال بعضهم لبعض من يذهب إلى "سلى زجوري" بني فولان وكان آل فلان قد ولدت لهم ناقتهم ولدا فإذا بهم يقولون من يأخذ النجاسة الخارجة بعد الولادة من المشيمة وغيرها " سلى الجزور" فيرميها على ظهره وهو يصلي فقام "عقبة إبن أبي معيض" أشقى القوم فذهب وجمع النجس والقذر وما تخلف من الناقة بعد الولادة "سلى الجزور" فاحتمله ثم إنتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سجد رماه على ظهره والمشركون يضحكون ويتمايلون من الضحك ورسول الله ساجدٌ لربه جل وعلا ساجدٌ والنجس والقذر على ظهره من سمع بهذا الخبر إبنته الجارية فاطمة الزهراء رضي الله عنها فأسرعت أخذت تركض فمسحت القذر عن ظهر أبيها فلما إنتهى النبي من صلاته نظر إلى إبنته فاطمة تبكي وتنظر إلى المشركين ماذا يصنعون بأبيها قال لا عليك يآ بُنيتي فإن الله مانع أباك يعني إصبري إن الله ناصري ثم ذهب النبي إلى المشركين وهم يضحكون ويتمايلون عند الكعبة بالقرب منها فدعا عليهم وقال اللهم عليك بأبي جهل الله عليك بعتبة اللهم عليك بشيبة اللهم عليك بفولان اللهم عليك بفولان أخذ يسميهم واحدا واحدا يقول إبن مسعود وقد شهد هذا يقول والله رأيت الذين سماهم النبي كلهم صرعا في أول معركة في يوم بدر سيهزم الجمع ويولون الدبر أوذي النبي أذى شديدا أمية إبن خلف كان يهمز النبي أي يسبه جهرا ويلمزه أي يسبه سرا فأنزل الله { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ } أبو جهل عليه لعنة الله يوم من الايام جاء إلى المشركين أصحابه وقال لهم أن يُعثِروا محمد وجهه بينكم يقصد السجود قالوا نعم قال لإن رأيته لأطأن عليه برجلي فقالوا له ها هو ذاك يصلى رسول الله يصلى { أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى } فإذا بأبي جهل يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يطأ عليه برجله فتراجع والناس ينظرون ما باله لم يقترب تراجع تراجع ويضع أبو جهل يده أمام وجهه كأنه يبعد شيئا قالوا ما بالك جاء خائفا قال إن بيني وبينه لخندقا قال ورأيت أهوالا وأمورا عظاما فلما إنتهى النبي من صلاته قال والله لو إقترب مني لتخطفته الملائكة لتخطفته الملائكة فليدعو نادية سندعوا الزبانية { كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } هكذا كان يأذى النبي صلى الله عليه وسلم أذى شديدا من كفار قريش من خنق وضرب بل جاء إلا أحدهم يوم من الايام فدعاه إلى الاسلام فأسلم فإذا به يذهب إلى صاحبه قال له ما بالك قال أسلمت قال صبأت قال بل أسلمت سمعت كلامه فأسلمت قال والله أنك لست بصاحبي حتى تكفر بهذا الدين وتذهب إلى محمد فتبصق في وجهه وفعل الرجل ذهب إلى رسول الله وكفر وارتد فأنزل الله عز وجل { : وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً } سوف يعض على يديه جزاء نكالا بما صنع في هذه الدنيا أوذي كان يسب ويشتم كان أقربائه وجيرانه يضعون القذر والنجس عند باب بيته يخرج من بيته فيقول يابني عبد مناف أي جوار هذا أي جوار هذا كل هذا لانه دعاهم إلى ربهم جل وعلا { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } يأذى ولكن الرب عز وجل يصبره ويثبته
لَما إشتد البلاء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قرر أن يجتمع بهم في دارعند الصفا "للارقم إبن أبي الارقم "فكان النبي يأتي إلى هذه الدار سرا وكان الصحابة يجتمعون إليه في هذه الدار سرا إذا خيم الليل ودخل الناس بيوتهم تسلل الصحابة إلى هذه الدار يجلسون مع رسول الله صلى الله علي وآله وسلم ما أحلاها من جلسة وما أجمله من مكان يجتمع فيه أبو بكر والامام علي وعثمان إبن عفان وطلحة وعبد الرحمن وبلال وعمار إبن ياسر وخباب إبن الارت والسابقون إلى الاسلام يجتمعون في هذه الدار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } كل ما يتلى في هذه الدار وما يقال في هذه الدار إنما هو سر من الاسرار أي علم تعلمه السابقون الاولون أي إيمان يزدادونه كل ليلة وكل يوم ما أعظمها من جلسة وما أحلاها من دار يجتمع فيه الصحابة مع سيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم
بالرغم من أن المشركين كانوا يعذبون كل من يقرأ القرءان كل من يتلو كتاب الله جل وعلا بالرغم من أنهم كانوا لا يدعون أحدا يستمع القرءان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مع هذا إلا أنهم كانوا يحبون الاستماع إليه كيف هذا " أبوجهل إبن هشام " أبوسفيان إبن حرب " الاخنث إبن شريق من أعداء رسول الله ومن كبار المشركين كان كل واحد منهم إذا حل الليل ذهب متسللا لوحده إلى مكان قريب من بيت النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد منهم يدري عن الاخر إنه كلام الله نفوسهم تشدهم للاستماع إليه { لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ } ليس على بشر جماد على جبل أصم ماذا يقول الرب عز وجل { لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} أبوجهل يستمع لوحده أبوسفيان يستمع لوحده الاخنث يستمع لوحده في الطريق وهم قافلون عائدون قبيل الفجر إلى بيوتهم يلتقي الثلاثة في طريق واحد وَيْحَكُمْ ماذا تصنعون لو رآكم سفهائكم لاوقعتم في نفوسهم شيئ الا تعوذ لهذا يتفقون على ألا يعود في الليلة الثانية كل واحد يذهب للاستماع لقراءة القرءان أبوجهل وأبوسفيان والاخنث كل منهم يستمعون لكن للاسف قلوبهم ما تدبرت كأن القلوب عليه قُفل { أَفَلآ يَتَدَبَرُونَ اَلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىَ قُلُوُبٍ أَقْفَاَلهَاَ } في الليلة الثانية لما يقبل الفجر يعودون إلى بيوتهم فيصادف كل منهم الاخر وَيْحَكُمْ ماذا تصنعون لا تعودوا لمثل هذا في الليلة الثالثة يفعلون مثل صَنِيعِهِمْ لكن يتعاهدون على ألا يعود مرة أخرى كانوا يعلمون في قرارةِ أنفسهم أن هذا كلام الله وأن هذا رسول الله لكنه الكبر لكنه العِنادْ { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } هكذا كانوا يفعلون مع الناس لكنهم إذا خلا الليل يحبون إستماع كتاب الله جل وعلا
وبدأت مرحلة جديدة بين المؤمنين وبين والمشركين كل من كان عنده من قبيلته رجل آمن مستضعف بدأوا بتعذبيه بدأت الان مرحلة التعذيب القاسية. جلدٌ تجويعٌ ضربٌ سحلٌ حتى أن الواحد منهم كان يوضع في الرمضاء جائع يقتله الجوع والعطش لا يبالون يجلد الناس جلدا ولا يبالون بل كان بلال رضي الله عنه ويملكه أمية إبن خلف كان يأمر الصبيان فيضع حبلا حول رقبته رقبة من بلال رضي الله عنه ما أراد منهم شيئا أراد فقط أن يؤمن بربه جل وعلا ويوحده فكان يضعون حبلا حول رقبته ويجره الصبيان حول جبال مكة وبين جبالها حتى أن الحبل يؤثر برقبته يجوعه ويعطشه أمية ثم يضعه على الارض الحارة في الصيف الحار ثم يضع صخرة على صدره يكاد يموت وهو يقول أحد أحد أحد أحد بل إن أمية إبن خلف يقول له يا بلال ل اأزال بك هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتؤمن بالآت والعزى فيقول بلال والله لو أعلم كلمة أخرى أغيض لكم منها لقلتها أحد أحد أحد أحد { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } شاب صغير إسمه .خباب إبن الارت. مولاته أمرت به فضرب ضربا شديدا كان حدادا وكانت تضع له الجمر الجمر الحار النار ثم يُأتى به فينزع الرداء عن ظهره ثم يوضع ظهره على الجمر الحار حتى أن شحم ظهره لما ذاب أطفأ النار أي نار هذه الذي أُحْرق بها خباب من مثل خباب في ذلك الزمان ماصده عن دينه شيء أبدا كان يعذب وكان يحرق ومع هذا كان يصبر في سبيل الله جل وعلا هكذا كانوا يتعذبون خباب من شدة التعذيب ولم يتجاوز الثامنة عشر من العمر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الكعبة متوسدا فقال يارسول الله ألا تدعو لنا ألا تستنصر لنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد غضب إنه كان فِمَنْ كان قبلكم يُأتى بالرجل فتحفر له الحفرة ويُأتى بمنشار الحديد على مفرق رأسه يفرق فِرْقتيْن ويُأتى بأمشاط الحديد فيُمشط بين لحمه وعظمه لا يرده ذلك عن دينه شيئا لكنكم قوم تستعجلون { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } تعذيب ضرب جلد {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } عمار إبن ياسر أبوه ياسر أمه سمية الاسرة كلها وأمه إمرأة كبيرة عجوز كانوا يعذبون عذابا شديدا حتى أن عمار ينظر إلى أمه تضرب وإلى أبيه يجلد وهو معهما ومع هذا لارحمة لهم يمر عليهم أبو جهل فيقول لجالدهم إضرب وزد عليهم ضربا ويمر النبي يصبر هذه الاسرة أي أسرة هذه كلها تعذب في سبيل الله يقول النبي لهم صبرا آل ياسر صبرا فإن موعدكم الجنة { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا } جنة وحرير جزاءً لِمَ لصبرهم على أي شيء صبرهم على هذا العذاب بل إن أبا جهل والاعياذ بالله أخذ حربة فضرب بها قُبُل من أم عمار حتى ماتت أما أبوه فقد مات من شدة التعذيب أبو عمار ياسر مات أبوه وماتت أمه فزدادوا على عمار ضربا يريدون ذبحه وقتله حتى لم يصبر عمار فإذا به رضي الله عنه يقول ما أرادوا في رسول الله فإذا به يبكي إلى رسول الله يذهب بكى عند الرسول قال يارسول الله يارسول الله لم أصبر فتكلمت فيك وقلت كذا وكذا فأنزل الرب عز وجل { إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } أي إلا من قال كلمة الكفر مضطرا لكن قلبه مؤمن ومطمئن بالايمان لاحرج عليه فقال النبي لعمار إن عادوا فعد إن عادوا فعد هذا يضرب وهذا يجلد صهيب الرومي ضربوه ضربا حتى أغمي عليه فكان يقول كلاما لايدري ماذا يقول ولا يعي ماذا يقول هذا صهيب الرومي رجل كان كريما عزيزا بين مكة لكنه لما آمن عذب عذابا شديدا يعذب هذا ويضرب هذا حتى مصعب إبن عمير ما سلم منهم مصعب كان أترف أهل مكة وكان يأكل أفضل الطعام ويلبس أحسن اللباس وكان أترف شباب مكة لما أسلم أمه اخذت منه كل أمواله بل طردته من البيت وصار رجلا فقيرا لايدري كيف يأكل وماذا يلبس { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُوا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } يقول إبن عباس عن الذين تعذبوا قال كانوا يعذبون حتى إن أحدهم لايستطيع أن يستوي جالسا من شدة الالم بل من شدة الضرب والتعذيب كانوا يقولون لاحدهم ألآت والعزى إلهك من دون الله فكان يقول ألآت والعزى إلهي من دون الله وقلبه مطمئن بالايمان حتى أن الجُعل حيوان حشرة تمر على الارض يقولون له هذا الجعل إلهك من دون الله فكانوا يقولون الجعل إلهي من دون الله بشدة التعذيب ومن شدة الضرب هكذا كان يُعذب أصحاب النبي لِمَ { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } هذه مرحلة من أصعب مراحل الاسلام أراد الربان يصفي المؤمنين ويستخرج منهم أفضلهم.
أبو بكر الصديق وهو يرى أصحاب النبي يتعذبون يُجرون في الرمضاء يُضربون ويُجلدون لم يسكت ولم يقعد بل ذهب إلى أمواله وأخذ ينفقها في سبيل الله عز وجل أخذ يشتري فلان ويعتقه لوجه الله وفلانة ويعتقها لوجه الله جاء إلى عامر إبن فُهيرة وهو أحد الذين شهدوا بدرا ومن السابقين في الاسلام فاشتراه بحر ماله وأعتقه لوجه الله جاء إلا أمرأة إسمها زِنِيرَة إمرأة كبيرة كانت تعذب لانها أسلمت ودخلت في الدين فاشتراها بأمواله واعتقها لوجه الله جل وعلا وكانت هناك إمرأة من قريش إمرأة كافرة حبست عندها إمرأتين النهدية وإبنتها كانتا جاريتان عندها تعذبهما وتكلفهما أكثر من طاقتهما وأقسمت ألا تعتقهما أبدا لانهما أسلمتا فجاء أبو بكر واشتراهما بأمواله واعتقهما مباشرة لوجه الله جل وعلا رأى بلال يعذبه من أمية إبن خلف عذابا شديدا يجره في الرمضاء ويضربه قال أشتريه منك فأبى ان يبيعه إليه فرفع ماله ورفع ثمنه حتى أعطاه إياه بثمن غالٍ حتى قال أبو بكر والله لو لم يبعني بلالا إلا بوزنه ذهبا لشتريته فاشتراه أبوبكر وأعتقه لوجه الله جل وعلا فجاء والد أبي بكر ولم يكن أسلم في ذلك الوقت قال يآ أبا بكريآ أبا بكر ماذا تصنع لِمَ تشتري الضعفاء من الناس لو أنك إشتريت رجالا أقوياء منعوك من الناس وكانوا حماية لك قال يأبي أنا لا أفعل الامر لاجل هذا قال إذن لمَ تفعل هذا يآ أبا بكر قال أنا أفعله فقط لله جل وعلا أنفق أموالي لله جل وعلا فأنزل الرب فيه { وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى } لِمَ يآ أبا بكر { إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى } سوف ترضى يآ أبا بكر سوف يرضيك الرب عز وجل جزاءً بصنيعك هذا يشتري الضعفاء والفقراء والمساكين ويعتقهم لله جل وعلا لا يريد منهم جزاء ولا شكورا هذا صنيع وفعل أبي بكر في بداية الاسلام
إشتد الاذى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان الاذى شديدا ومن أقرب الناس إليه عمه أبولهب لم يسلم منه النبي صلى اله عليه وسلم فأنزل الله { تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ } وكانت لأبي لهب زوجة خبيثة طليقة اللسان إمرأة فاسدة كانت تضع الشوك والحطب على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعند باب بيته فلما سمعت أن الله عز وجل أنزل في زوجها ءايات تضنه هجاءً جاءت إلى الصحابة وهم جلوسا والنبي بينهم صلى الله عليه وسلم وكانت تحمل حجرا كبيرا فسألت الصحابة والنبي جالس أين مُذَمَم تسميه مذمما قالوا لها وما تُردين فيه قالت سمعت أنه هجئ زوجي يعني أبا لهب والنبي أمامها وأعمى الله عز وجل بصرها عنه قالوا لها وما تُردين فيه قالت لإن رأيته لأضربنه بهذا الحجر فأنزل الرب عز وجل {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا } يعني في رقبتها تُجر في جهنم بحبل من صوف من مسد { وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَد إشتد الاذى على رسول الله وعلى أصحابه من جميع المشركين يوم من الايام كان جالسا عند الكعبة يصلي عليه الصلاة والسلام كان يصلي فرآهُ المشركون "عقبة "وشيبة "وعتبة "وأبوجهل" وغيرهم من صنادد الكفر فقال بعضهم لبعض من يذهب إلى "سلى زجوري" بني فولان وكان آل فلان قد ولدت لهم ناقتهم ولدا فإذا بهم يقولون من يأخذ النجاسة الخارجة بعد الولادة من المشيمة وغيرها " سلى الجزور" فيرميها على ظهره وهو يصلي فقام "عقبة إبن أبي معيض" أشقى القوم فذهب وجمع النجس والقذر وما تخلف من الناقة بعد الولادة "سلى الجزور" فاحتمله ثم إنتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سجد رماه على ظهره والمشركون يضحكون ويتمايلون من الضحك ورسول الله ساجدٌ لربه جل وعلا ساجدٌ والنجس والقذر على ظهره من سمع بهذا الخبر إبنته الجارية فاطمة الزهراء رضي الله عنها فأسرعت أخذت تركض فمسحت القذر عن ظهر أبيها فلما إنتهى النبي من صلاته نظر إلى إبنته فاطمة تبكي وتنظر إلى المشركين ماذا يصنعون بأبيها قال لا عليك يآ بُنيتي فإن الله مانع أباك يعني إصبري إن الله ناصري ثم ذهب النبي إلى المشركين وهم يضحكون ويتمايلون عند الكعبة بالقرب منها فدعا عليهم وقال اللهم عليك بأبي جهل الله عليك بعتبة اللهم عليك بشيبة اللهم عليك بفولان اللهم عليك بفولان أخذ يسميهم واحدا واحدا يقول إبن مسعود وقد شهد هذا يقول والله رأيت الذين سماهم النبي كلهم صرعا في أول معركة في يوم بدر سيهزم الجمع ويولون الدبر أوذي النبي أذى شديدا أمية إبن خلف كان يهمز النبي أي يسبه جهرا ويلمزه أي يسبه سرا فأنزل الله { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ } أبو جهل عليه لعنة الله يوم من الايام جاء إلى المشركين أصحابه وقال لهم أن يُعثِروا محمد وجهه بينكم يقصد السجود قالوا نعم قال لإن رأيته لأطأن عليه برجلي فقالوا له ها هو ذاك يصلى رسول الله يصلى { أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى } فإذا بأبي جهل يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يطأ عليه برجله فتراجع والناس ينظرون ما باله لم يقترب تراجع تراجع ويضع أبو جهل يده أمام وجهه كأنه يبعد شيئا قالوا ما بالك جاء خائفا قال إن بيني وبينه لخندقا قال ورأيت أهوالا وأمورا عظاما فلما إنتهى النبي من صلاته قال والله لو إقترب مني لتخطفته الملائكة لتخطفته الملائكة فليدعو نادية سندعوا الزبانية { كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } هكذا كان يأذى النبي صلى الله عليه وسلم أذى شديدا من كفار قريش من خنق وضرب بل جاء إلا أحدهم يوم من الايام فدعاه إلى الاسلام فأسلم فإذا به يذهب إلى صاحبه قال له ما بالك قال أسلمت قال صبأت قال بل أسلمت سمعت كلامه فأسلمت قال والله أنك لست بصاحبي حتى تكفر بهذا الدين وتذهب إلى محمد فتبصق في وجهه وفعل الرجل ذهب إلى رسول الله وكفر وارتد فأنزل الله عز وجل { : وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً } سوف يعض على يديه جزاء نكالا بما صنع في هذه الدنيا أوذي كان يسب ويشتم كان أقربائه وجيرانه يضعون القذر والنجس عند باب بيته يخرج من بيته فيقول يابني عبد مناف أي جوار هذا أي جوار هذا كل هذا لانه دعاهم إلى ربهم جل وعلا { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } يأذى ولكن الرب عز وجل يصبره ويثبته
لَما إشتد البلاء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قرر أن يجتمع بهم في دارعند الصفا "للارقم إبن أبي الارقم "فكان النبي يأتي إلى هذه الدار سرا وكان الصحابة يجتمعون إليه في هذه الدار سرا إذا خيم الليل ودخل الناس بيوتهم تسلل الصحابة إلى هذه الدار يجلسون مع رسول الله صلى الله علي وآله وسلم ما أحلاها من جلسة وما أجمله من مكان يجتمع فيه أبو بكر والامام علي وعثمان إبن عفان وطلحة وعبد الرحمن وبلال وعمار إبن ياسر وخباب إبن الارت والسابقون إلى الاسلام يجتمعون في هذه الدار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } كل ما يتلى في هذه الدار وما يقال في هذه الدار إنما هو سر من الاسرار أي علم تعلمه السابقون الاولون أي إيمان يزدادونه كل ليلة وكل يوم ما أعظمها من جلسة وما أحلاها من دار يجتمع فيه الصحابة مع سيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم
10_ الهجرة إلى الحبشة
_________________
دخلت السنة الخامسة من النُبوة واشتد البلاء بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقرر بعض أصحاب النبي بعد أن أذن النبي لهم أن يهاجروا إلى منطقة تسمى الحبشة فإن فيها ملك إسمه النجاشي قال النبي فيه إنه ملك عادل لا يُظلم عنده أحد فأذن لبعض أصحابه من إستطاع منهم أن يهاجر وقرروا في ليلة من الليالي أن يجتمعوا فيها فتسلل كل منهم من بيته يريدون أن يخرجوا من مكة بحيث لا يشعر بهم أحد من الناس فتجمع إثنا عشر رجلا وأربعة من النساء وكان عثمان إبن عفان رضي الله عنه قائدهم وزوجته بنت النبي رُقية رضي الله عنها من النساء إجتمع الستة عشر ليخرجوا من مكة مهاجرين إلى الله جل وعلا والرب عز وجل أخبرهم في القرءان أن أرضه واسعة { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }قال الرب عز وجل أن أرضه واسعة حتى يأذن لهم أن يهاجروا فيها ويخرج من هذه الارض التي عُذبوا فيها عذبهم المشركون عذابا شديدا ضربوهم جروهم جلدوهم فعلوا
ما فعلوا هاهم في تلك الليلة يتجمعون ولم يشعر بهم أحد من كفار قريش خرجوا بقيادة عثمان إبن عفان توجهوا بإتجاه البحر وفي الصباح عَلِمَ المشركون بهم فأسرعوا خلفهم يريدون القبض عليهم لكن الرب عز وجل نجاهم ركبوا سفينة في البحر وتوجهوا بإتجاه الحبشة إلى ذلك الملك العادل ""النجاشي"" الذي كان على دين النصرانية ولكن في حكمه لا يُظلم أحد من الناس ونجا الله هذه الثُلَّةَ المؤمنة فكان أول بيت هاجر في سبيل الله بيت عثمان إبن عفان وزوجته رُقية بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
في نفس هذه السنة التي هاجر فيها بعض الصحابة إلى الحبشة كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند الكعبة يقرأ القرءان وكانت عادة المشركين إذا سمعوا النبي يقرأ القرءان لَغَواْ فيه ورفعوا أصواتهم حتى لايسمعه أحد لكنه في تلك المرة لما قرأ كان حوله المشركون يستمعون فاستغل النبي الفرصة وقرأ سورة من سور القرءان تُخاطبهم مباشرة فقرأ سورة النجم وهذا لحكمته صلى الله عليه وآله وسلم قرأ{بسم الله الرحمن الرحيم وَالنَجْمِ إِذَا هَوى}والعرب يعرفون معنى النجم إذا هوى يُقْسِم الله بما {مَاضَلَ صَاحِبُكُمْ }أي أنا الذي أمامكم ما ضللت{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى}وإذا بالمشركين تنبهر قلوب قادتهم إلى التدبر إلى الاستماع لازالوا مشركين لكن القرءان كلام الله يصل إلى أي قلب كان فإذا بهم يستمعون فوصل إلى قوله {أَفَرَأَيْتُمُ الَلآتَ وَالْعُزَى وَمَنَاةَ الثَالِثَةَ الأُخْرى أَلَكُمُ الذَكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى} بدأ يكلمهم الرب عز وجل عن أصنامهم عن معبوداتهم ثم
أخذ يُخبرهم بفعله في الامم { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} هنا خُلِعَتْ قلوبهم من صدورهم وخافوا وبلغت القلوب الحناجر مع أنهم مشركون لكنهم خافوا من هذا الحديث ومن هذا الكلام في نهاية السورة الرب عز وجل يخاطبه مباشرة فيقول لهم { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ } لما تسمعون القرءان تُغنون لما تسمعون كلام الله لا تتأثرون لما تسمعون هذا الكلام فقط تعجبون أين إيمانكم أين عقولكم أين قلوبكم ثم خُتمت السورة {فَاسْجُدُوا للهِ وَاعْبُدُوهُ } فإذا بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم يسجد وإذا بالمشركين الذين إستمعوا إليه كلهم يسجدون لا شعوريا سجدت أجسادهم وقلوبهم لم تؤمن سجدوا لاشعوريا فلما رفع النبي رأسه رأهم سجدوا قال آمنتم فإذا بهم لا يُجيبون الان كيف يردون على الرسول مادخلوا في الدين لكنهم لا إراديا سجدوا قال سجدتم لله
آمنتم قالوا لا تذكرنا آلهتنا فسجدنا لها تباً لهم ثم تباً إنتشرت إشاعة في قريش أن أهل مكة آمنوا أن سادتهم آمنوا سجدوا مع رسول الله وانتشرت هذه الاشاعة حتى وصلت للحبشة فإذا بالذين هاجروا إلى الحبشة يعودون مرة أخرى إلى مكة فلما إقتربوا من مكة عَلِمُوا أن الامر كان إشاعة رجع بعضهم ودخل بعضهم في جوار البعض إلى مكة مرة أخرى
هاجر المسلمون مرة أخرى إلى الحبشة لكن هذه الهجرة كانت أكبر من الاولى فهاجر من الرجال ثلاث وثمانون رجلا منهم جعفر إبن أبي طالب رضي الله عنه ومن النساء ثمانية عشر إمرأة هاجروا جميعا إلى الحبشة إلى النجاشي رجل نصراني لايظلم أحدا عنده فعاشوا بأمان فأرسلت قريش في إثْرِهِمْ رجلين من دُهاتِها عمرو إبن العاص وعبد الله إبن أبي ربيعة معهما هدايا كثيرة للنجاشي فلما وصلا إلى النجاشي أعطوه من الهدايا من المجوهرات من الذهب من غيرها وأعطوا بَطارِقتهُ اي حاشيته الذين حوله فاستبشر بهما وأجلسهما فتكلم عمرو إبن العاص قال أيها النجاشي إن سفهاءً من قومنا وغِلْمَاناً منا خرجوا هاربين فروا منا من ديارنا إلى ديارك فارقوا ديننا ودين آبائهم وأجدادهم ولم يدخلوا في دينك اهانوا ديننا وسبوا ألهتنا وَأَوَيْتَهُمْ فأخرجهم فإن شرفاء مكة يريدون إرجاعهم فقالت البطارقة تؤيد كلامهما نعم أيها النجاشي أرجعهما وأرجع هؤلاء الناس إلى
بلادهم فقال النجاشي لا حتى أسمع منهم فناداهم النجاشي فاجتمع المسلمون ومن يتكلم بلسانهم جعفر إبن أبي طالب قال لهم النجاشي فارقتم دين آبائكم وأجدادكم ولم تدخلوا في ديني فما هذا الدين الذي جئتم به قال جعفر أيها النجاشي كنا في جاهلية نعبد الاصنام والاوثان والاحجار ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الرَحِم ونُسيءُ الجوار ويأخذ القوي من الضعيف حتى بعث الله إلينا نبيا ورسولا من أنفسنا نعرف نسبه وصِدقه وعِفَّتَه وأمانته يدعوا إلى عبادة الله وحده وأن نخلع ما كان يعبد أبَآئَنَا من الاحجار والاوثان والاصنام يدعون إلى صِلاةِ الرَحِمْ وحُسن الجوار يدعون إلى صدق الحديث وأداء الامانة يدعون إلى الصلاة والزكاة والعِفة وأخذ يعدد ما شرع الاسلام قال فإذا بقومنا يُؤْذوننا ويَفْتِنُونَنَا ويُعَذِّبُونَنَا فعلمنا أنك لا تظلم أحدا عندك فخرجنا من ديارنا إلى ديارك رجاءَ أن نَمْكُثَ بأمان عندك فقال النجاشي بعد أن سمع حُسن منطق جعفر إبن أبي طالب وعمرو إبن العاص يسمع قال هل عندكم يسأل جعفر هل عندكم شيء من دينكم قال
جعفر نعم قال هاتي ما عندك فإذا بجعفر إبن أبي طالب يختار سورة مريم وإذا به يقرأ والنجاشي يسمع والبطارقة يسمعون{بسم الله الرحمن الرحيم كهَيَعَصَ.ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَآ.إِذْ نَدَى رَبَهَ نِدَآءً خَفِياً.قَالَ رَبِي إِني وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِي } يقرأ جعفر فإذا بالنجاشي تدمع عيناه وإذا البطارقة أيضا يبكون حتى وصل { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا }فإذا به يقص قصة مريم ثم عيسى عليه السلام وإذا بهم يبكون وتخضَل لِحَاهُم حتى إذا إنتهى جعفر فإذا بالنجاشي يقول والله إن ما قلته وما قاله عيسى إبن مريم يخرج من مِشكاة واحدة يعني هذا هو الدين الذي جاء به عيسى فإذا بعمرو إبن العاص يخرج وإذا بالنجاشي يقول أنتم آمنون في أرضي خرجوا فإذا بعمرو يقول والله لارجعن إليه في اليوم الثاني وألحِ عليه مرة أخرى فرجع عمرو إبن العاص وكان ذكيا فقال أيها النجاشي أسمعت إلى السفهاء ما ذا يقولون في عيسى إبن مريم قال ما يقولون قال يقولون فيه قولا عظيما فإذا بالنجاشي يُناديهم فعلم المسلمون انه سيسألهم عن عيسى فخافوا ماذا سنقول الان لكنهم عزموا على الصدق لن ينجيهم إلا الصدق فناداهم فتقدم جعفر والبطارقة حوله قال ما تقولون في عيسى إبن مريم فقال جعفر هو عبد الله ورسوله والكل ينظر والكل يستمع كلام خطير عبد الله النصارى لايقولون هذا قال هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها على مريم وروح منه وأخذ يعدد
أوصافه فإذا بالناس يسكتون وإذا بالنجاشي يَطْرُقُ رأسه ثم يأخذ عودا من الارض ثم يقول والله والله ماعدا هذا الكلام ولا تجاوز شيئا مما جاء به عيسى إبن مريم لن يقبل البطارقة بهذا وغضبوا فقال النجاشي مابكم والله هذا هو الذي جاء به عيسى إبن مريم ثم أمر بالهدايا التي أعطاها عمرو إبن العاص إليه قال رودوا إليهما هداياهم لا أريد منهم شيئا ثم ردوا خائبين على أدبارهم عمرو إبن العاص قبل أن يسلم وعبد الله إبن ربيعة يقول المسلمون عِشنا سنوات عند النجاشي بأمن وأمان لم نعش قبلها مثل هذه الايام تركنا نعبد الله كما نشاء ظل المسلمون في الحبشة سنوات حتى فتح الله على نبيه ثم عادوا مرة أخرى
مر أبو جهل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان النبي عند الصفا فسب أبو جهل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبا قبيحا شديدا وأذآه أذا شديدا ولم يرد النبي عليه الصلاة والسلام عليه من رأى هذا المنظر فتى جارية مولاى لعبد الله إبن جدعان لما رأت هذا المنظر وبعد فترة قصيرة دخل حمزة إبن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان عائدا من رحلة صيد لما دخل حمزة رأته هذه الفتاة فذهبت إليه وقالت يا حمزة أعلمت ما صنع أبو جهل وكان يُسمونه عمرو إبن هشام بمحمد إبن أخيك قال لها وماذا صنع فأخبرته بالذي حدث فأخذت حمزة الحَمِيَّة على إبن أخيه فإذا به يُسرِع إلى أبي جهل وكان جالسا في ناديه فإذا به يأخذ القوس ويقول لابي جهل أتضرب محمدا إبن أخي وأنا على دينه ولم يكن حمزة أسلم لكن الانَفَةَ أخذته كيف يضرب إبن أخي فإذا به يضرب أبا جهل بقوسه فيشج رأسه سقط أبو جهل على الارض والدم ينزف فقام رجال من حيه
يريدون ضرب حمزة فقام رجال مع حمزة وكادا قتال أن ينشب بينهم إلا أن أبا جهل قال للناس أتركوه فقد شتمت إبن أخيه شتما قبيحا ماذا صنعت ياحمزة لقد قلت إنك على دين محمد فإذا بحمزة مباشرة يذهب إلى رسول الله ويجلس عنده ويخبره بالخبر فيعلمه النبي الاسلام وإذا بقلب حمزة رضي الله عنه ينشرح للاسلام { أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ }شرح الله صدر من صدر حمزة الذي عز الله به الدين وَحَسُنَ إسلامه لكن بعد ثلاثة أيام كان عمر وقد إشتدت وطأته على أصحاب رسول الله كان عمر يبحث عن رسول الله فإذا به يجد رجلا في الطريق فيسأله أين محمد قال وماذا تريد فيه قال أريده قال ياعمر أَأدُلُّكَ على شيء عجب قال ما هو قال أختك وصِهرك يعني زوجها قد صبأ يعني قد دخل في الاسلام قال ويْحَكَ ماذا تقول قال إذهب إلى أختك فانظر فإذا بأخته فاطمة بنت
الخطاب وزوجها جالسين في البيت معهما "خباب إبن الارت "يُقرأهما"" سورة طه " فإذا بعمر يُسرع سمع خباب أن عمر أقبل فاختبأ في البيت فما إن دخل في البيت سألهما ماهذا الصوت الذي أسمعه فقام إليه صِهره قال ياعمر يا عمر أرأيت لو كان دينك ليس على الحق ودين غيرك على الحق فقام عمر إليه يضربه فدفعته فاطمة أخته عن زوجها فإذا بعمر يضربها ضربة شَجَّهَا سقطت على الارض والدم ينزف وهو ينظر إليها عمر الان بدأ يَرِقُّ قلبه فإذا بعمر يقوم ليأخذ الصحيفة وكان يقرآن صحيفة فيها سورة طه أراد عمر رضي الله عنه أن يقرأ من الصحيفة أن يأخذها فإذا بفاطمة تجر الصحيفة من عمر قال ماذا صنعت قالت إنك مشرك نجس إنك مشرك نجس ياعمر ولن أعطيك إياها حتى تغتسل لو لم يَلِنَ قلب عمر ما قام واغتسل لكن بدأ القلب الان يلين بدأ عمر يتغير فإذا به يقوم ويغتسل بعد أن إغتسل جاء ومسك الصحيفة نظر فيها فأخذ يقرأ كلام غريب كلام أول مرة يقرأه
عمر إبن الخطاب {بسم الله الرحمن الرحيم طَهَ مَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى إِلاَ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى تَنْزِيلاً مِمَنْ خَلَقَ الارْضَ وَالَسمَوَاتِ الْعُلَى }وعمر رضي الله عنه يعلم من خلق السموات والارض إنه الله جل وعلا { تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلى }من هو{ الرَحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ إِسْتَوَى} فإذا بعمر يقرأ ويتدبر أخته تدعوا له جالسة عنده صهره جالس فجأة خرج خباب لما علم الجميع أن عمر بدأ يقرأ القرءان أن عمر بدأ يرق قلبه ويقرأ كلام الله جل وعلا
قال عمر لخباب وأين محمد قال وما تريد منه قال أخبرني أين هو الان وكان النبي كالعادة يجتمع في دار الارقم إبن أبي الارقم مع أصحابه وكان معهم حمزة للتو أسلم يتعلمون دينهم وإسلامهم فخرج عمر إبن الخطاب برفقة خباب إبن الارت متوشحا سيفه أي جر سيفه ذاهبا إلى أين إلى دار الارقم إبن أبي الارقم إنه المكان السري الذي يجلس فيه النبي مع أصحابه عمر الان يتوجه إليهم ولايدري النبي ولا أصحابه أن عمر قادم إليهم الان وعمر رافعا سيفه فلما وصل إلى دار الارقم طرق الباب فنظر أحد الصحابة فقال يارسول الله إنه عمر إبن الخطاب ففزع الصحابة في تلك الدار فقال حمزة إن كان يريد خيرا أعطيناه وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه أما حمزة فهو أسد من الاسود وأما عمر فهو بطل من الابطال هذا يريد أن يواجه هذا أما بقية الصحابة فقد فزعوا وخافوا فقال النبي لحمزة إبتعد قام أشجع الناس محمد صلى الله عليه وسلم ففتح الباب فدخل عمر إبن الخطاب فإذا برسول الله يمسكه من ثيابه يجره فيقول له ياعمر ياعمر أما آن لك أن تنتهي عن هذا أو ليُنزِل الله عليك قارعة من السماء يعني إلى متى ياعمر وأنت على هذه الحال فإذا بعمر يقولها مباشرة ""أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أنك رسول الله"الله أكبر كبر رسول الله الله أكبر كبر كل من في الدار أسلم اليوم من أسلم عمر إبن الخطاب اليوم
بدأ عز الاسلام اليوم بدأ الصحابة يكبرون وأظهروا إسلامهم لانه أسلم اليوم عمر وقريش كلها تعلم من عمر إبن الخطاب عمر الذي ما ظن أحد من الناس أنه سيسلم الان شرح الله صدره {أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِه} أسلم اليوم عمر وكبر أهل الدار وفرح المسلمون ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله خرج عمر من دار الارقم بعد أن أظهر إسلامه وتعلم دينه فذهب إلى مكة فسأل عن أكثر الناس نقلا للحديث يعني رجل ينقل الخبر في مكة كلها فقالوا له "جميل إبن مَعْمَرْ " هذا رجل ينقل الحديث فإذا بعمر يأتي إليه فيجلس عنده قال يآجميل أسمعت بالخبر قال ما الخبر قال أسلمت فلم يُجبه وقام جميل مباشرة ونادى في الناس يامعشر قريش يامعشر قريش وعمر وراءه قال إسمعوا الخبر وكل الناس تعلم أن جميل ينقل الاخبار قالوا ما الخبر قال صبأ عمر صبأ عمر فضربه عمر قال كذبت قال قل أسلم عمر قل أسلم عمر اليوم حتى الالفاظ تتغير اليوم حتى الكلام يتغير اليوم عمر إبن الخطاب أسلم حتى الصحابة الذين كانوا
يتخفون يقولون والله ماصلينا عند الكعبة إلا بعد أن أسلم عمر اليوم عزة الاسلام بدأت اللهم أعز الاسلام بأحد العمرين هذا عمر إبن الخطاب الذي سيعز الله به الاسلام وأهله{ وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } فإذا بالمشركين لما سمعوا الخبر تجمعوا على عمر إبن الخطاب تجمع الرجال عليه وأخذوا يضربونه وهو رجل لوحده يدفع هذا ويضرب هذا ويُبعد هذا وتجمعت الجموع على عمر من أول النهار إلى آخره كلهم يريدون ضرب عمر وقتل عمر لكنهم لم يستطيعوا حتى قال لهم عمر إبن الخطاب يامعشر قريش والله لو كنا فيها ثلاث مائة ما تركناها لكم لو كان عددنا ثلاث مائة مسلم في مكة والله ماتركناها لهم في أول إسلامه يهدد كفار قريش إنه عمر لو كان نبي بعدي لكان عمر المُحَدَّث المُلْهَمُ في هذه الأمة إنه الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل لما إشتد الناس على عمر وصل رجل من أشراف قريش العاصي إبن وائل قال ما هذا ما الذي يحصل قالوا صبأ عمر صبأ عمر قال رجل إختار لنفسه دينا دعوه وشأنه رجل إختار ما يريد أتركوه وشأنه فما إن أمرهم العاص إبن وائل بهذا إلا وانفض الناس عن عمر إبن الخطاب رضي الله عنه عمر بعد أن إنفض الناس عنه ذهب إلى أشد الناس أذىً لرسول الله أراد عمر الان أن يتحدى أشد كفار قريش أذىً للاسلام والمسلمين من هو إنه أبو جهل سأل عمر عنه أين هو قالوا في
بيته ذهب عمر إليه مباشرة طرق الباب عليه فتح الباب أبو جهل قال أهلا بك يا إبن أخي حياك الله ياعمر ماذا تريد قال إسمع ياعدو الله قال ماذا قال إسمع إني أشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله فتغير وجه أبي جهل فإذا به لم يتكلم بكلمة وأغلق الباب ورجع إلى البيت خائباً خاسِئاً حصيراً هكذا ذُهِلت مكة كلها هكذا ذُهلت حتى الشياطين أن عمر إبن الخطاب اليوم أسلم وهاهو عِز الاسلام بدأ وهاهم الناس يلتفون حول الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم
_________________
دخلت السنة الخامسة من النُبوة واشتد البلاء بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقرر بعض أصحاب النبي بعد أن أذن النبي لهم أن يهاجروا إلى منطقة تسمى الحبشة فإن فيها ملك إسمه النجاشي قال النبي فيه إنه ملك عادل لا يُظلم عنده أحد فأذن لبعض أصحابه من إستطاع منهم أن يهاجر وقرروا في ليلة من الليالي أن يجتمعوا فيها فتسلل كل منهم من بيته يريدون أن يخرجوا من مكة بحيث لا يشعر بهم أحد من الناس فتجمع إثنا عشر رجلا وأربعة من النساء وكان عثمان إبن عفان رضي الله عنه قائدهم وزوجته بنت النبي رُقية رضي الله عنها من النساء إجتمع الستة عشر ليخرجوا من مكة مهاجرين إلى الله جل وعلا والرب عز وجل أخبرهم في القرءان أن أرضه واسعة { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }قال الرب عز وجل أن أرضه واسعة حتى يأذن لهم أن يهاجروا فيها ويخرج من هذه الارض التي عُذبوا فيها عذبهم المشركون عذابا شديدا ضربوهم جروهم جلدوهم فعلوا
ما فعلوا هاهم في تلك الليلة يتجمعون ولم يشعر بهم أحد من كفار قريش خرجوا بقيادة عثمان إبن عفان توجهوا بإتجاه البحر وفي الصباح عَلِمَ المشركون بهم فأسرعوا خلفهم يريدون القبض عليهم لكن الرب عز وجل نجاهم ركبوا سفينة في البحر وتوجهوا بإتجاه الحبشة إلى ذلك الملك العادل ""النجاشي"" الذي كان على دين النصرانية ولكن في حكمه لا يُظلم أحد من الناس ونجا الله هذه الثُلَّةَ المؤمنة فكان أول بيت هاجر في سبيل الله بيت عثمان إبن عفان وزوجته رُقية بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
في نفس هذه السنة التي هاجر فيها بعض الصحابة إلى الحبشة كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند الكعبة يقرأ القرءان وكانت عادة المشركين إذا سمعوا النبي يقرأ القرءان لَغَواْ فيه ورفعوا أصواتهم حتى لايسمعه أحد لكنه في تلك المرة لما قرأ كان حوله المشركون يستمعون فاستغل النبي الفرصة وقرأ سورة من سور القرءان تُخاطبهم مباشرة فقرأ سورة النجم وهذا لحكمته صلى الله عليه وآله وسلم قرأ{بسم الله الرحمن الرحيم وَالنَجْمِ إِذَا هَوى}والعرب يعرفون معنى النجم إذا هوى يُقْسِم الله بما {مَاضَلَ صَاحِبُكُمْ }أي أنا الذي أمامكم ما ضللت{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى}وإذا بالمشركين تنبهر قلوب قادتهم إلى التدبر إلى الاستماع لازالوا مشركين لكن القرءان كلام الله يصل إلى أي قلب كان فإذا بهم يستمعون فوصل إلى قوله {أَفَرَأَيْتُمُ الَلآتَ وَالْعُزَى وَمَنَاةَ الثَالِثَةَ الأُخْرى أَلَكُمُ الذَكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى} بدأ يكلمهم الرب عز وجل عن أصنامهم عن معبوداتهم ثم
أخذ يُخبرهم بفعله في الامم { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} هنا خُلِعَتْ قلوبهم من صدورهم وخافوا وبلغت القلوب الحناجر مع أنهم مشركون لكنهم خافوا من هذا الحديث ومن هذا الكلام في نهاية السورة الرب عز وجل يخاطبه مباشرة فيقول لهم { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ } لما تسمعون القرءان تُغنون لما تسمعون كلام الله لا تتأثرون لما تسمعون هذا الكلام فقط تعجبون أين إيمانكم أين عقولكم أين قلوبكم ثم خُتمت السورة {فَاسْجُدُوا للهِ وَاعْبُدُوهُ } فإذا بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم يسجد وإذا بالمشركين الذين إستمعوا إليه كلهم يسجدون لا شعوريا سجدت أجسادهم وقلوبهم لم تؤمن سجدوا لاشعوريا فلما رفع النبي رأسه رأهم سجدوا قال آمنتم فإذا بهم لا يُجيبون الان كيف يردون على الرسول مادخلوا في الدين لكنهم لا إراديا سجدوا قال سجدتم لله
آمنتم قالوا لا تذكرنا آلهتنا فسجدنا لها تباً لهم ثم تباً إنتشرت إشاعة في قريش أن أهل مكة آمنوا أن سادتهم آمنوا سجدوا مع رسول الله وانتشرت هذه الاشاعة حتى وصلت للحبشة فإذا بالذين هاجروا إلى الحبشة يعودون مرة أخرى إلى مكة فلما إقتربوا من مكة عَلِمُوا أن الامر كان إشاعة رجع بعضهم ودخل بعضهم في جوار البعض إلى مكة مرة أخرى
هاجر المسلمون مرة أخرى إلى الحبشة لكن هذه الهجرة كانت أكبر من الاولى فهاجر من الرجال ثلاث وثمانون رجلا منهم جعفر إبن أبي طالب رضي الله عنه ومن النساء ثمانية عشر إمرأة هاجروا جميعا إلى الحبشة إلى النجاشي رجل نصراني لايظلم أحدا عنده فعاشوا بأمان فأرسلت قريش في إثْرِهِمْ رجلين من دُهاتِها عمرو إبن العاص وعبد الله إبن أبي ربيعة معهما هدايا كثيرة للنجاشي فلما وصلا إلى النجاشي أعطوه من الهدايا من المجوهرات من الذهب من غيرها وأعطوا بَطارِقتهُ اي حاشيته الذين حوله فاستبشر بهما وأجلسهما فتكلم عمرو إبن العاص قال أيها النجاشي إن سفهاءً من قومنا وغِلْمَاناً منا خرجوا هاربين فروا منا من ديارنا إلى ديارك فارقوا ديننا ودين آبائهم وأجدادهم ولم يدخلوا في دينك اهانوا ديننا وسبوا ألهتنا وَأَوَيْتَهُمْ فأخرجهم فإن شرفاء مكة يريدون إرجاعهم فقالت البطارقة تؤيد كلامهما نعم أيها النجاشي أرجعهما وأرجع هؤلاء الناس إلى
بلادهم فقال النجاشي لا حتى أسمع منهم فناداهم النجاشي فاجتمع المسلمون ومن يتكلم بلسانهم جعفر إبن أبي طالب قال لهم النجاشي فارقتم دين آبائكم وأجدادكم ولم تدخلوا في ديني فما هذا الدين الذي جئتم به قال جعفر أيها النجاشي كنا في جاهلية نعبد الاصنام والاوثان والاحجار ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الرَحِم ونُسيءُ الجوار ويأخذ القوي من الضعيف حتى بعث الله إلينا نبيا ورسولا من أنفسنا نعرف نسبه وصِدقه وعِفَّتَه وأمانته يدعوا إلى عبادة الله وحده وأن نخلع ما كان يعبد أبَآئَنَا من الاحجار والاوثان والاصنام يدعون إلى صِلاةِ الرَحِمْ وحُسن الجوار يدعون إلى صدق الحديث وأداء الامانة يدعون إلى الصلاة والزكاة والعِفة وأخذ يعدد ما شرع الاسلام قال فإذا بقومنا يُؤْذوننا ويَفْتِنُونَنَا ويُعَذِّبُونَنَا فعلمنا أنك لا تظلم أحدا عندك فخرجنا من ديارنا إلى ديارك رجاءَ أن نَمْكُثَ بأمان عندك فقال النجاشي بعد أن سمع حُسن منطق جعفر إبن أبي طالب وعمرو إبن العاص يسمع قال هل عندكم يسأل جعفر هل عندكم شيء من دينكم قال
جعفر نعم قال هاتي ما عندك فإذا بجعفر إبن أبي طالب يختار سورة مريم وإذا به يقرأ والنجاشي يسمع والبطارقة يسمعون{بسم الله الرحمن الرحيم كهَيَعَصَ.ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَآ.إِذْ نَدَى رَبَهَ نِدَآءً خَفِياً.قَالَ رَبِي إِني وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِي } يقرأ جعفر فإذا بالنجاشي تدمع عيناه وإذا البطارقة أيضا يبكون حتى وصل { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا }فإذا به يقص قصة مريم ثم عيسى عليه السلام وإذا بهم يبكون وتخضَل لِحَاهُم حتى إذا إنتهى جعفر فإذا بالنجاشي يقول والله إن ما قلته وما قاله عيسى إبن مريم يخرج من مِشكاة واحدة يعني هذا هو الدين الذي جاء به عيسى فإذا بعمرو إبن العاص يخرج وإذا بالنجاشي يقول أنتم آمنون في أرضي خرجوا فإذا بعمرو يقول والله لارجعن إليه في اليوم الثاني وألحِ عليه مرة أخرى فرجع عمرو إبن العاص وكان ذكيا فقال أيها النجاشي أسمعت إلى السفهاء ما ذا يقولون في عيسى إبن مريم قال ما يقولون قال يقولون فيه قولا عظيما فإذا بالنجاشي يُناديهم فعلم المسلمون انه سيسألهم عن عيسى فخافوا ماذا سنقول الان لكنهم عزموا على الصدق لن ينجيهم إلا الصدق فناداهم فتقدم جعفر والبطارقة حوله قال ما تقولون في عيسى إبن مريم فقال جعفر هو عبد الله ورسوله والكل ينظر والكل يستمع كلام خطير عبد الله النصارى لايقولون هذا قال هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها على مريم وروح منه وأخذ يعدد
أوصافه فإذا بالناس يسكتون وإذا بالنجاشي يَطْرُقُ رأسه ثم يأخذ عودا من الارض ثم يقول والله والله ماعدا هذا الكلام ولا تجاوز شيئا مما جاء به عيسى إبن مريم لن يقبل البطارقة بهذا وغضبوا فقال النجاشي مابكم والله هذا هو الذي جاء به عيسى إبن مريم ثم أمر بالهدايا التي أعطاها عمرو إبن العاص إليه قال رودوا إليهما هداياهم لا أريد منهم شيئا ثم ردوا خائبين على أدبارهم عمرو إبن العاص قبل أن يسلم وعبد الله إبن ربيعة يقول المسلمون عِشنا سنوات عند النجاشي بأمن وأمان لم نعش قبلها مثل هذه الايام تركنا نعبد الله كما نشاء ظل المسلمون في الحبشة سنوات حتى فتح الله على نبيه ثم عادوا مرة أخرى
مر أبو جهل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان النبي عند الصفا فسب أبو جهل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبا قبيحا شديدا وأذآه أذا شديدا ولم يرد النبي عليه الصلاة والسلام عليه من رأى هذا المنظر فتى جارية مولاى لعبد الله إبن جدعان لما رأت هذا المنظر وبعد فترة قصيرة دخل حمزة إبن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان عائدا من رحلة صيد لما دخل حمزة رأته هذه الفتاة فذهبت إليه وقالت يا حمزة أعلمت ما صنع أبو جهل وكان يُسمونه عمرو إبن هشام بمحمد إبن أخيك قال لها وماذا صنع فأخبرته بالذي حدث فأخذت حمزة الحَمِيَّة على إبن أخيه فإذا به يُسرِع إلى أبي جهل وكان جالسا في ناديه فإذا به يأخذ القوس ويقول لابي جهل أتضرب محمدا إبن أخي وأنا على دينه ولم يكن حمزة أسلم لكن الانَفَةَ أخذته كيف يضرب إبن أخي فإذا به يضرب أبا جهل بقوسه فيشج رأسه سقط أبو جهل على الارض والدم ينزف فقام رجال من حيه
يريدون ضرب حمزة فقام رجال مع حمزة وكادا قتال أن ينشب بينهم إلا أن أبا جهل قال للناس أتركوه فقد شتمت إبن أخيه شتما قبيحا ماذا صنعت ياحمزة لقد قلت إنك على دين محمد فإذا بحمزة مباشرة يذهب إلى رسول الله ويجلس عنده ويخبره بالخبر فيعلمه النبي الاسلام وإذا بقلب حمزة رضي الله عنه ينشرح للاسلام { أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ }شرح الله صدر من صدر حمزة الذي عز الله به الدين وَحَسُنَ إسلامه لكن بعد ثلاثة أيام كان عمر وقد إشتدت وطأته على أصحاب رسول الله كان عمر يبحث عن رسول الله فإذا به يجد رجلا في الطريق فيسأله أين محمد قال وماذا تريد فيه قال أريده قال ياعمر أَأدُلُّكَ على شيء عجب قال ما هو قال أختك وصِهرك يعني زوجها قد صبأ يعني قد دخل في الاسلام قال ويْحَكَ ماذا تقول قال إذهب إلى أختك فانظر فإذا بأخته فاطمة بنت
الخطاب وزوجها جالسين في البيت معهما "خباب إبن الارت "يُقرأهما"" سورة طه " فإذا بعمر يُسرع سمع خباب أن عمر أقبل فاختبأ في البيت فما إن دخل في البيت سألهما ماهذا الصوت الذي أسمعه فقام إليه صِهره قال ياعمر يا عمر أرأيت لو كان دينك ليس على الحق ودين غيرك على الحق فقام عمر إليه يضربه فدفعته فاطمة أخته عن زوجها فإذا بعمر يضربها ضربة شَجَّهَا سقطت على الارض والدم ينزف وهو ينظر إليها عمر الان بدأ يَرِقُّ قلبه فإذا بعمر يقوم ليأخذ الصحيفة وكان يقرآن صحيفة فيها سورة طه أراد عمر رضي الله عنه أن يقرأ من الصحيفة أن يأخذها فإذا بفاطمة تجر الصحيفة من عمر قال ماذا صنعت قالت إنك مشرك نجس إنك مشرك نجس ياعمر ولن أعطيك إياها حتى تغتسل لو لم يَلِنَ قلب عمر ما قام واغتسل لكن بدأ القلب الان يلين بدأ عمر يتغير فإذا به يقوم ويغتسل بعد أن إغتسل جاء ومسك الصحيفة نظر فيها فأخذ يقرأ كلام غريب كلام أول مرة يقرأه
عمر إبن الخطاب {بسم الله الرحمن الرحيم طَهَ مَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى إِلاَ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى تَنْزِيلاً مِمَنْ خَلَقَ الارْضَ وَالَسمَوَاتِ الْعُلَى }وعمر رضي الله عنه يعلم من خلق السموات والارض إنه الله جل وعلا { تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلى }من هو{ الرَحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ إِسْتَوَى} فإذا بعمر يقرأ ويتدبر أخته تدعوا له جالسة عنده صهره جالس فجأة خرج خباب لما علم الجميع أن عمر بدأ يقرأ القرءان أن عمر بدأ يرق قلبه ويقرأ كلام الله جل وعلا
قال عمر لخباب وأين محمد قال وما تريد منه قال أخبرني أين هو الان وكان النبي كالعادة يجتمع في دار الارقم إبن أبي الارقم مع أصحابه وكان معهم حمزة للتو أسلم يتعلمون دينهم وإسلامهم فخرج عمر إبن الخطاب برفقة خباب إبن الارت متوشحا سيفه أي جر سيفه ذاهبا إلى أين إلى دار الارقم إبن أبي الارقم إنه المكان السري الذي يجلس فيه النبي مع أصحابه عمر الان يتوجه إليهم ولايدري النبي ولا أصحابه أن عمر قادم إليهم الان وعمر رافعا سيفه فلما وصل إلى دار الارقم طرق الباب فنظر أحد الصحابة فقال يارسول الله إنه عمر إبن الخطاب ففزع الصحابة في تلك الدار فقال حمزة إن كان يريد خيرا أعطيناه وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه أما حمزة فهو أسد من الاسود وأما عمر فهو بطل من الابطال هذا يريد أن يواجه هذا أما بقية الصحابة فقد فزعوا وخافوا فقال النبي لحمزة إبتعد قام أشجع الناس محمد صلى الله عليه وسلم ففتح الباب فدخل عمر إبن الخطاب فإذا برسول الله يمسكه من ثيابه يجره فيقول له ياعمر ياعمر أما آن لك أن تنتهي عن هذا أو ليُنزِل الله عليك قارعة من السماء يعني إلى متى ياعمر وأنت على هذه الحال فإذا بعمر يقولها مباشرة ""أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أنك رسول الله"الله أكبر كبر رسول الله الله أكبر كبر كل من في الدار أسلم اليوم من أسلم عمر إبن الخطاب اليوم
بدأ عز الاسلام اليوم بدأ الصحابة يكبرون وأظهروا إسلامهم لانه أسلم اليوم عمر وقريش كلها تعلم من عمر إبن الخطاب عمر الذي ما ظن أحد من الناس أنه سيسلم الان شرح الله صدره {أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِه} أسلم اليوم عمر وكبر أهل الدار وفرح المسلمون ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله خرج عمر من دار الارقم بعد أن أظهر إسلامه وتعلم دينه فذهب إلى مكة فسأل عن أكثر الناس نقلا للحديث يعني رجل ينقل الخبر في مكة كلها فقالوا له "جميل إبن مَعْمَرْ " هذا رجل ينقل الحديث فإذا بعمر يأتي إليه فيجلس عنده قال يآجميل أسمعت بالخبر قال ما الخبر قال أسلمت فلم يُجبه وقام جميل مباشرة ونادى في الناس يامعشر قريش يامعشر قريش وعمر وراءه قال إسمعوا الخبر وكل الناس تعلم أن جميل ينقل الاخبار قالوا ما الخبر قال صبأ عمر صبأ عمر فضربه عمر قال كذبت قال قل أسلم عمر قل أسلم عمر اليوم حتى الالفاظ تتغير اليوم حتى الكلام يتغير اليوم عمر إبن الخطاب أسلم حتى الصحابة الذين كانوا
يتخفون يقولون والله ماصلينا عند الكعبة إلا بعد أن أسلم عمر اليوم عزة الاسلام بدأت اللهم أعز الاسلام بأحد العمرين هذا عمر إبن الخطاب الذي سيعز الله به الاسلام وأهله{ وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } فإذا بالمشركين لما سمعوا الخبر تجمعوا على عمر إبن الخطاب تجمع الرجال عليه وأخذوا يضربونه وهو رجل لوحده يدفع هذا ويضرب هذا ويُبعد هذا وتجمعت الجموع على عمر من أول النهار إلى آخره كلهم يريدون ضرب عمر وقتل عمر لكنهم لم يستطيعوا حتى قال لهم عمر إبن الخطاب يامعشر قريش والله لو كنا فيها ثلاث مائة ما تركناها لكم لو كان عددنا ثلاث مائة مسلم في مكة والله ماتركناها لهم في أول إسلامه يهدد كفار قريش إنه عمر لو كان نبي بعدي لكان عمر المُحَدَّث المُلْهَمُ في هذه الأمة إنه الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل لما إشتد الناس على عمر وصل رجل من أشراف قريش العاصي إبن وائل قال ما هذا ما الذي يحصل قالوا صبأ عمر صبأ عمر قال رجل إختار لنفسه دينا دعوه وشأنه رجل إختار ما يريد أتركوه وشأنه فما إن أمرهم العاص إبن وائل بهذا إلا وانفض الناس عن عمر إبن الخطاب رضي الله عنه عمر بعد أن إنفض الناس عنه ذهب إلى أشد الناس أذىً لرسول الله أراد عمر الان أن يتحدى أشد كفار قريش أذىً للاسلام والمسلمين من هو إنه أبو جهل سأل عمر عنه أين هو قالوا في
بيته ذهب عمر إليه مباشرة طرق الباب عليه فتح الباب أبو جهل قال أهلا بك يا إبن أخي حياك الله ياعمر ماذا تريد قال إسمع ياعدو الله قال ماذا قال إسمع إني أشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله فتغير وجه أبي جهل فإذا به لم يتكلم بكلمة وأغلق الباب ورجع إلى البيت خائباً خاسِئاً حصيراً هكذا ذُهِلت مكة كلها هكذا ذُهلت حتى الشياطين أن عمر إبن الخطاب اليوم أسلم وهاهو عِز الاسلام بدأ وهاهم الناس يلتفون حول الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم
0 comments: